responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 470
تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ التَّبْشِيرَ خَبَرُ صِدْقٍ، يَحْصُلُ بِهِ مَا يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ مِنْ سُرُورٍ أَوْ غَمٍّ. وَإِنْ أَخْبَرَتْهُ بِهِ أُخْرَى، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ السُّرُورَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى كَاذِبَةً، وَالثَّانِيَةُ صَادِقَةً، طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ السُّرُورَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِهَا، فَكَانَ هُوَ الْبِشَارَةَ. وَإِنْ بَشَّرَهُ بِذَلِكَ اثْنَتَانِ، أَوْ ثَلَاثٌ، أَوْ الْأَرْبَعُ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ، طَلُقْنَ كُلُّهُنَّ؛ لِأَنَّ " مَنْ " تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا زَادَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] . وَقَالَ {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] .
وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي، فَهِيَ طَالِقٌ. فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ كَالْبِشَارَةِ، لَا تَطْلُقُ إلَّا الْمُخْبِرَةُ الْأُولَى الصَّادِقَةُ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ خَبَرٌ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْعِلْمُ بِقُدُومِهِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِكَذِبٍ، وَلَا بِغَيْرِ الْأَوَّلِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ كُلُّ مُخْبِرَةٍ، صَادِقَةً كَانَتْ أَوْ كَاذِبَةً، أَوَّلًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَكُونُ صِدْقًا وَكَذِبًا، وَأَوَّلًا وَمُكَرَّرًا. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْقَاضِي. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَلَى نَحْوِ هَذَا التَّفْصِيلِ.

[فَصْلٌ قَالَ أَوَّلُ مَنْ تَقُومُ مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ]
(5988) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ تَقُومُ مِنْكُنَّ، فَهِيَ طَالِقٌ. أَوْ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَوَّلُ مَنْ قَامَ مِنْكُمْ، فَهُوَ حُرٌّ. فَقَامَ الْكُلُّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ؛ لِأَنَّهُ لَا أَوَّلَ فِيهِمْ. وَإِنْ قَامَ وَاحِدٌ أَوْ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهُ أَحَدٌ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا كَذَلِكَ. وَالثَّانِي، لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا كَانَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، وَلَمْ يُوجَدْ.
فَعَلَى هَذَا لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ وَلَا انْتِفَائِهِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْ قِيَامِ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَعْدَهُ، فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ، وَإِنْ قَامَ اثْنَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ، دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَقَامَ بَعْدَهُمْ آخَرُ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ بِالْجَمَاعَةِ الَّذِينَ قَامُوا فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقَعُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] . وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي فِي مَنْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ عَبِيدِي، فَهُوَ حُرٌّ. فَدَخَلَ اثْنَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُمَا، ثَالِثٌ، لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَهَذَا بَعِيدٌ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ دَخَلَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَعْضٍ، وَلَا أَوَّلَ فِيهِمْ، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْكُمْ وَحْدَهُ. وَلَمْ يَدْخُلْ بَعْدَ الثَّالِثِ أَحَدٌ؛ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ بَعْدَ الثَّالِثِ أَحَدٌ، عَتَقَ الثَّالِثُ، لِكَوْنِهِ أَوَّلِ مَنْ دَخَلَ وَحْدَهُ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ وَحْدَهُ، فَإِنَّ لَفْظَةَ " الْأَوَّلِ " تَتَنَاوَلُ الْجَمَاعَةَ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ» .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 470
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست