responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 468
أَيْ لَا آتِيهِمْ أَبَدًا.
وَقِيلَ: إنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَا يَسْتَحِيلُ عَقْلًا، وَقَعَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ، فَلَمْ تُعَلَّقْ بِهِ الصِّفَةُ، وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ، فَوَقَعَ. وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ عَادَةً، كَالطَّيَرَانِ، وَصُعُودِ السَّمَاءِ، لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ لَهُ وُجُودًا، وَقَدْ وُجِدَ جِنْسُ ذَلِكَ فِي مُعْجِزَات الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، فَجَازَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِهِ، وَلَمْ يَقَعْ قَبْلَ وُجُودِهِ. فَأَمَّا إنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْمُسْتَحِيلِ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَقْتُلِي الْمَيِّتَ. أَوْ: تَصْعَدِي السَّمَاءَ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ، وَعَدَمُهُ مَعْلُومٌ فِي الْحَالِ وَفِي الثَّانِي، فَوَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَبِعْ عَبْدِي. فَمَاتَ الْعَبْدُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ. وَلَا مَاءَ فِيهِ. أَوْ: لَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ. وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ الْقَاضِي، أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، أَوْ لَيُطِيرَنَّ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ؛ فَإِنَّ الْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ الْمُمْتَنِعِ كَاذِبٌ حَانِثٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: 38] إلَى قَوْلِهِ: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} [النحل: 39] . وَلَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُتَصَوَّرٍ، فَصَارَ مُمْتَنِعًا، حَنِثَ بِذَلِكَ، فَلَأَنْ يَحْنَثَ بِكَوْنِهِ مُمْتَنِعًا حَالَ يَمِينِهِ أَوْلَى.

[فَصْلٌ حَلَفَ لَا شَرِبْت مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَاغْتَرَفَ مِنْهُ وَشَرِبَ]
(5985) فَصْلٌ: وَإِذَا حَلَفَ: لَا شَرِبْت مِنْ هَذَا النَّهْرِ. فَاغْتَرَفَ مِنْهُ، وَشَرِبَ، حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ: لَا شَرِبْت مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ. فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ آخَرَ، وَشَرِبَ، وَكَانَ الْإِنَاءُ كَبِيرًا لَا يُمْكِنُ الشُّرْبُ بِهِ، حَنِثَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ بِهِ مُمْكِنًا، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ الصَّغِيرَ آلَةٌ لِلشُّرْبِ، فَتَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَى الشُّرْبِ بِهِ، بِخِلَافِ النَّهْرِ وَالْإِنَاءِ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهُ لَا تَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَّا إلَى الشُّرْبِ مِنْ مَائِهِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ بَرَدَى، فَشَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ بَرَدَى، فَشَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ، حَنِثَ. ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ بَرَدَى اسْمٌ لَمَكَانٍ خَاصٍّ، فَإِذَا تَجَاوَزَهُ إلَى مَكَان سِوَاهُ، فَشَرِبَ مِنْهُ، فَمَا شَرِبَ مِنْ بَرَدَى، وَإِذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَائِهِ، فَمَاؤُهُ مَاؤُهُ حَيْثُ كَانَ، وَأَيْنَ نُقِلَ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ تَمْرِ الْبَصْرَةِ، فَأَكَلَهُ فِي غَيْرِهَا، حَنِثَ.
وَإِنْ اغْتَرَفَ مِنْ بَرَدَى بِإِنَاءٍ، وَنَقَلَهُ إلَى مَكَان آخَرَ، فَشَرِبَهُ، حَنِثَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اغْتِرَافَ الْمَاءِ مِنْ بَرَدَى. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالشُّرْبِ مِنْ مَاءِ النَّهْرِ الْمَعْرُوفِ بِالْفُرَاتِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ فُرَاتٍ، حَنِثَ بِالشُّرْبِ مِنْ كُلِّ مَاءٍ عَذْبٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَرَّفَهُ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ انْصَرَفَ إلَى النَّهْرِ الْمَعْرُوفِ، وَإِذَا أَنْكَرَهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 468
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست