responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 466
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى]
(5981) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. طَلُقَتْ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. عَتَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَقَالَ: لَيْسَ هُمَا مِنْ الْأَيْمَانِ. وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ وَمَكْحُولٌ، وَقَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ، وَكَذَلِكَ الْعَتَاقُ. وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ، وَالْحَكَمِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةٍ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَهَا، فَلَمْ يَقَعْ، كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ. لَمْ يَحْنَثْ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُول: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَهِيَ طَالِقٌ. رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ. وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ نَحْوُهُ. وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: كُنَّا مَعَاشِرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَرَى الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا فِي الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَهَذَا نَقْلٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فَانْتَشَرَ، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مُخَالِفٌ، فَهُوَ إجْمَاعٌ، وَلِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ يَرْفَعُ جُمْلَةَ الطَّلَاقِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا. وَلِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ حُكْمٍ فِي مَحَلٍّ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِالْمَشِيئَةِ، كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ، فَلَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ، فَأَشْبَهَ تَعْلِيقَهُ عَلَى الْمُسْتَحِيلَاتِ.
وَالْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ إنْشَاءٌ، وَلَيْسَ بِيَمِينٍ حَقِيقَةً، وَإِنْ سُمِّيَ بِذَلِكَ فَمَجَازٌ، لَا تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ مِنْ أَجْلِهِ، ثُمَّ إنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا سُمِّيَ يَمِينًا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ يُمْكِنُ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ، وَمُجَرَّدُ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. لَيْسَ بِيَمِينٍ حَقِيقَةً، وَلَا مَجَازًا، فَلَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ يَمِينٍ. وَقَوْلُهُمْ: عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةٍ لَا تُعْلَمُ. قُلْنَا: قَدْ عُلِمَتْ مَشِيئَةُ اللَّهِ الطَّلَاقَ بِمُبَاشَرَةِ الْآدَمِيِّ سَبَبَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: قَدْ شَاءَ اللَّهُ حِينَ أَذِنَ أَنْ يُطَلِّقَ. وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَمْ، تُعْلَمْ، لَكِنْ قَدْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ يَسْتَحِيلُ عِلْمُهُ، فَيَكُونُ كَتَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُسْتَحِيلَاتِ، يَلْغُو، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ]
(5982) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ، وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَيْسَا مِنْ الْأَيْمَانِ، وَلِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِيَةُ، لَا تَطْلُقُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ صَارَ يَمِينًا وَحَلِفًا، فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 466
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست