responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 463
طَالِقٌ كَيْف شِئْت. تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بِمَشِيئَتِهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى مَشِيئَتِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: حَيْثُ شِئْت. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيعِ الْحُرُوفِ: إنْ شَاءَتْ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ، فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ، كَقَوْلِهِ: اخْتَارِي. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي " إنْ " كَقَوْلِهِ، وَفِي سَائِرِ الْحُرُوفِ كَقَوْلِنَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ صَرِيحَةٌ فِي التَّرَاخِي، فَحُمِلَتْ عَلَى مُقْتَضَاهَا، بِخِلَافِ " إنْ "، فَإِنَّهَا لَا تَقْتَضِي زَمَانًا، وَإِنَّمَا هِيَ لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ فَتُقَيَّدُ، بِالْفَوْرِ بِقَضِيَّةِ التَّمْلِيكِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنَّ شِئْت. إنَّمَا ذَلِكَ لَهَا مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى شَرْطٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي، كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ، وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مُعَلَّقٍ عَلَى الْمَشِيئَةِ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْعِتْقِ، وَفَارَقَ: اخْتَارِي. فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطِ، إنَّمَا هُوَ تَخْيِيرٌ، فَتَقَيَّدَ بِالْمَجْلِسِ، كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ. وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَهُ الْمَشِيئَةُ، أَوْ جُنَّ، لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ لَمْ يُوجَد. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ يَقَعُ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ لَا يَقَعُ إذَا تَعَذَّرَ شَرْطُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَإِنْ شَاءَ. وَهُوَ مَجْنُونٌ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ. وَإِنْ شَاءَ، وَهُوَ سَكْرَانُ. فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ زَائِلُ الْعَقْلِ، فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي طَلَاقِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إيقَاعَ طَلَاقِهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، كَيْ لَا تَكُونَ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ، وَهَاهُنَا إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ، وَهُوَ طِفْلٌ، لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ. وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الطَّلَاقَ، وَقَعَ؛ لِأَنَّ لَهُ مَشِيئَةً، وَلِذَلِكَ صَحَّ اخْتِيَارُهُ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ. وَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ، فَشَاءَ بِالْإِشَارَةِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ تَقُومُ مَقَامَ نُطْقِ النَّاطِقِ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ طَلَاقُهُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ نَاطِقًا حَالَ التَّعْلِيقِ، فَخَرِسَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ فِي نَفْسِهِ يَقَعُ بِهَا، فَكَذَلِكَ طَلَاقُ مَنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةٍ. وَالثَّانِي، لَا يَقَعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حَالَ التَّعْلِيقِ، كَانَ لَا يَقَعُ إلَّا بِالنُّطْقِ، فَلَمْ يَقَعْ بِغَيْرِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ فِي التَّعْلِيقِ: إنْ نَطَقَ فُلَانٌ بِمَشِيئَتِهِ فَهِيَ طَالِقٌ.

[فَصْلٌ قَيَّدَ الْمَشِيئَةَ بِوَقْتِ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت الْيَوْمَ]
(5976) فَصْلٌ: فَإِنْ قَيَّدَ الْمَشِيئَةَ بِوَقْتٍ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت الْيَوْمَ. تَقَيَّدَ بِهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْيَوْمُ قَبْلَ مَشِيئَتهَا لَمْ تَطْلُقْ. وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ اثْنَيْنِ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تُوجَدَ مَشِيئَتُهُمَا، وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا أَنَّهُ يَقَعُ بِمَشِيئَةِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 463
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست