responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 451
الشَّرْطَ. فَيُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الْكَلَامِ عَمَّا يَقْتَضِيه إلَّا بِقَصْدِهِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ. طَلَقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ إذْ لِلْمَاضِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي زَمَنٍ مَاضٍ، فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ.

(5955) فَصْلٌ: وَإِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَرْطَيْنِ، لَمْ يَقَعْ قَبْلَ وُجُودِهِمَا جَمِيعًا، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي وُقُوعِهِ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا، بِنَاءً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا، فَفَعَلَ بَعْضَهُ. وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا، يُخَالِفُ الْأُصُولَ وَمُقْتَضَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفَ، وَعَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنهمْ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الشَّرْطَيْنِ جَمِيعًا، وَإِذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؛ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّرْتِيبِ فِي الشَّرْطَيْنِ الْمُرَتَّبَيْنِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: إنْ أَكَلْت ثُمَّ لَبِسْت. فَلِإِخْلَالِهِ بِالشَّرْطِ كُلِّهِ أَوْلَى، ثُمَّ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي دِرْهَمَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِذَا مَضَى شَهْرَانِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ وُجُودِهِمَا جَمِيعًا، وَكَانَ قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِعْطَائِهِ بَعْضَ دِرْهَمٍ وَمُضِيِّ بَعْضِ يَوْمٍ، وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِمَا، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَإِذَا قَالَ: إذَا صُمْتِ يَوْمًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كَامِلَةً، وَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي تَصُومُ فِيهِ طَلَقَتْ، وَأَمَّا الْيَمِينُ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ فِي لَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ مَا يَقْتَضِي جَمِيعَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِفِعْلِ جَمِيعِهِ.
وَفِي مَسْأَلَتِنَا مَا يَقْتَضِي تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطَيْنِ مَعًا؛ لِتَصْرِيحِهِ بِهِمَا، وَجَعْلِهِمَا شَرْطًا لِلطَّلَاقِ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَرْطِهِ، عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مُقْتَضَاهَا الْمَنْعُ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَيَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ فِعْلِ جَمِيعِهِ، لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ شَيْءٍ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ، كَمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ جُمْلَتِهِ، وَمَا عُلِّقَ عَلَى شَرْطٍ جُعِلَ جَزَاءً وَحُكْمًا لَهُ، وَالْجَزَاءُ لَا يُوجَدُ بِدُونِ شَرْطِهِ، وَالْحُكْمُ لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ تَمَامِ شَرْطِهِ، لُغَةً وَعُرْفًا وَشَرْعًا.

[فُصُولُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ]
(5956) فُصُولٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: قَدْ حِضْت. فَصَدَّقَهَا، طَلَقَتْ، وَإِنْ كَذَّبَهَا، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يُقْبَلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ عَلَى نَفْسِهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] . قِيلَ: هُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ. وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا فِيهِ مَقْبُولٌ، لَمَا حَرُمَ عَلَيْهَا كِتْمَانُهُ، وَصَارَ هَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 451
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست