responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 45
وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِذْنُ، غَيْرَ أَشْيَاءَ يَسِيرَةٍ أُقِيمَ فِيهَا الصَّمْتُ مُقَامَهُ لِعَارِضٍ. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ؛ شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَلِيِّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: فِي صَمْتِهَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَبِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَكُونُ إذْنًا؛ لِأَنَّ الصُّمَاتَ عَدَمُ الْإِذْنِ، فَلَا يَكُونُ إذْنًا، وَلِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ الرِّضَا وَالْحَيَاءَ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَكُونُ إذْنًا، كَمَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِهِ فِي حَقِّ الْأَبِ، لِأَنَّ رِضَاءَهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
وَهَذَا شُذُوذٌ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَتَرْكٌ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ، يُصَانُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إضَافَتِهِ إلَيْهِ، وَجَعْلِهِ مَذْهَبًا لَهُ، مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَتْبَعْ النَّاسِ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُعَرِّجُ مُنْصِفٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي. قَالَ: رِضَاهَا صُمَاتُهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ، فَصَمْتُهَا إقْرَارُهَا» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا» . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي غَيْرِ ذَاتِ الْأَبِ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا» . وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ. وَلِأَنَّ الْحَيَاءَ عُقْلَةٌ عَلَى لِسَانِهَا، يَمْنَعُهَا النُّطْقَ بِالْإِذْنِ، وَلَا تَسْتَحْيِي مِنْ إبَائِهَا وَامْتِنَاعِهَا، فَإِذَا سَكَتَتْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لِرِضَاهَا، فَاكْتُفِيَ بِهِ
وَمَا ذَكَرُوهُ يُفْضِي إلَى أَنْ لَا يَكُونَ صُمَاتُهَا إذْنًا فِي حَقِّ الْأَبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ، فَيَكُونُ إذًا رَدًّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكُلِّيَّةِ، وَاطِّرَاحًا لِلْأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ الْجَلِيَّةِ، وَخَرْقًا لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ الْمَرْضِيَّةِ.
(5207) فَصْلٌ: فَإِنْ نَطَقَتْ بِالْإِذْنِ، فَهُوَ أَبْلَغُ وَأَتَمُّ فِي الْإِذْنِ مِنْ صَمْتِهَا، وَإِنْ بَكَتْ أَوْ ضَحِكَتْ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سُكُوتِهَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ بَكَتْ فَلَيْسَ بِإِذْنٍ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، وَلَيْسَ بِصَمْتٍ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست