responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 429
الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَة: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَلْزَمُكِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الطَّلَاقَ رَفْعُ الِاسْتِبَاحَةِ، وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي، فَلَمْ يَقَعْ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِيَوْمَيْنِ. فَقَدِمَ الْيَوْمَ، فَإِنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا طَلَاقٌ فِي زَمَنٍ مَاضٍ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَحِيلٍ فَلَغَا، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ. فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. قَالَ الْقَاضِي: وَرَأَيْتُ بِخَطِّ أَبِي بَكْرٍ، فِي " جُزْءٍ مُفْرَدٍ "، أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ. طَلَقَتْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ أَمْسِ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَقَبْلَ تَزْوِيجِهَا مُتَصَوِّرُ الْوُجُودِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا، وَهَذَا الْوَقْتُ قَبْلَهُ، فَوَقَعَ فِي الْحَالِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ. وَإِنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أُمْسِ، أَوْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ. إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، مُسْتَنِدًا إلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَقَعَ فِي الْحَالِ.
وَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا هُوَ، أَوْ زَوْجٌ قَبْلَهُ، فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَكَانَ قَدْ وُجِدَ ذَلِكَ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ، وَقَعَ طَلَاقُهُ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوُجُودَ. وَإِنْ أَرَادَ أَنِّي كُنْتُ طَلَّقْتُك أَمْسِ. فَكَذَّبَتْهُ، لَزِمَتْهُ الطَّلْقَةُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِهَا؛ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ أَنَّ أَمْسِ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِدَّتِهَا. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مُرَادَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ؛ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُطَلِّقِ، إنْ قُلْنَا: لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ. لَمْ يَلْزَمْهُ هَاهُنَا شَيْءٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِوُقُوعِهِ ثَمَّ، وَقَعَ هَاهُنَا.

[فَصْلٌ قَالَ لَزّ وَجَتْهُ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرِ]
(5925) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ. فَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ، تَبَيَّنَّا أَنَّ طَلَاقَهُ وَقَعَ قَبْلَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ لِلطَّلَاقِ بَعْدَ عَقْدِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَزُفَرُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ قُدُومِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الشَّهْرَ شَرْطًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَلَا يَسْبِقُ الطَّلَاقُ شَرْطَهُ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي زَمَنٍ عَلَى صِفَةٍ، فَإِذَا حَصَلَتْ الصِّفَةُ وَقَعَ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ رَمَضَانَ بِشَهْرٍ، أَوْ قَبْلَ مَوْتِكَ بِشَهْرٍ. فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَاصَّةً يُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَلَا يُسَلِّمُ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّهْرَ شَرْطًا، وَلَيْسَ فِيهِ حَرْفُ شَرْطٍ. وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ، لَمْ يَقَعْ، بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا.
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى صِفَةٍ كَانَ وُجُودُهَا مُمْكِنًا، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا. وَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ مَعَ مُضِيِّ الشَّهْرِ، لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جُزْءٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ. فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِيَوْمٍ، ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 429
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست