responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 418
وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ نِسَاءَهُ، وَنَوَى بَعْدَ طَلَاقِهِنَّ، أَيْ مِنْ وَثَاقٍ، لَزِمَهُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَالنِّيَّةُ الْأَخِيرَةُ نِيَّةٌ مُجَرَّدَةٌ، لَا لَفْظَ مَعَهَا، فَلَا تَعْمَلُ. وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ تَخْصِيصُ حَالٍ دُونَ حَالٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ يَصِلُهُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ شَهْرٍ. فَهَذَا يَصِحُّ إذَا كَانَ نُطْقًا، بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَإِنْ نَوَاهُ، وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، فِي مَنْ حَلَفَ لَا تَدْخُلُ الدَّارَ، وَقَالَ: نَوَيْت شَهْرًا. يُقْبَلُ مِنْهُ. أَوْ قَالَ: إذَا دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَنَوَى تِلْكَ السَّاعَةَ، وَذَلِكَ الْيَوْمَ. قُبِلَتْ نِيَّتُهُ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، لَا تُقْبَلُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَنَوَى فِي نَفْسِهِ إلَى سَنَةٍ، تَطْلُقْ. لَيْسَ يُنْظَرُ إلَى نِيَّتِهِ. وَقَالَ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَالَ: نَوَيْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ. لَا يُصَدَّقُ.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ، بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فِي الْقَبُولِ، عَلَى أَنَّهُ يَدِينِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ، عَلَى الْحُكْمِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، أَنَّ إرَادَةَ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ شَائِعٌ كَثِيرٌ، وَإِرَادَةَ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ غَيْرُ سَائِغٍ، فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا كُلُّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّخْصِيصِ.

[فَصْلٌ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ طَلَّقَنِي فَقَالَ نِسَائِيّ طَوَالِقُ]
(5904) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ: طَلِّقْنِي. فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ. وَلَا نِيَّةَ لَهُ، طَلُقْنَ كُلُّهُنَّ. بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ عَامٌ. إنْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْ نِسَاءَك. فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ. فَكَذَلِكَ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ السَّائِلَةَ لَا تَطْلُقُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ الْعَامَ يُقْصَرُ عَلَى سَبَبِهِ الْخَاصِّ، وَسَبَبُهُ سُؤَالُ طَلَاقِ مَنْ سِوَاهَا. وَلَنَا، أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌ فِيهَا، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ غَيْرُ مُقْتَضَاهُ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِهِ، كَالصُّورَةِ الْأُولَى، وَالْعَمَلُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ أَوْلَى مِنْ خُصُوصِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الْحُكْمِ هُوَ اللَّفْظُ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ أَخَصَّ مِنْ السَّبَبِ، لَوَجَبَ قَصْرُهُ عَلَى خُصُوصِهِ، وَاتِّبَاعُ صِفَةِ اللَّفْظِ دُونَ صِفَةِ السَّبَبِ، فَإِنْ أَخْرَجَ السَّائِلَةَ بِنِيَّتِهِ، دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقُبِلَ فِي الْحُكْمِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ دَلِيلٌ عَلَى نِيَّتِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى.
قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ جَوَابٌ لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ لِنَفْسِهَا، فَلَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِهِ عَنْهَا لِأَنَّهُ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ مِنْ وَجْهَيْنِ. وَلِأَنَّهَا سَبَبُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست