responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 410
وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. رَوَاهُ النَّجَّادُ عَنْهُمْ بِأَسَانِيدِهِ.
وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: اخْتَارِي تَفْوِيضٌ مُطْلَقٌ، فَيَتَنَاوَلُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَذَلِكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَائِنًا؛ لِأَنَّهَا طَلْقَةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَمْ يُكَمَّلْ بِهَا الْعَدَدُ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً. وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ: أَمْرُك بِيَدِك، فَإِنَّهُ لِلْعُمُومِ، فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ، فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَمْرِهَا، لَكِنْ إنْ جَعَلَ إلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَهَا مَا جَعَلَ إلَيْهَا، سَوَاءٌ جَعَلَهُ بِلَفْظِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: اخْتَارِي مَا شِئْت. أَوْ اخْتَارِي الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ إنْ شِئْت. فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ: اخْتَارِي مِنْ الثَّلَاثِ مَا شِئْت. فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ، وَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الثَّلَاثِ بِكَمَالِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، فَقَدْ جَعَلَ لَهَا اخْتِيَارَ بَعْضِ الثَّلَاثِ، فَلَا يَكُونُ لَهَا اخْتِيَارُ الْجَمِيعِ، أَوْ جَعَلَهُ نِيَّتَهُ، وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ: اخْتَارِي. عَدَدًا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: اخْتَارِي كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ، فَيَرْجِعُ فِي قَدْرِ مَا يَقَعُ بِهَا إلَى نِيَّتِهِ، كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا، أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ وَاحِدَةً، فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا، فَطَلُقَتْ أَقَلَّ مِنْهَا، وَقَعَ مَا طَلَّقْته؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا، فَيَقَعُ مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، كَالْوَكِيلَيْنِ إذَا طَلَّقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا.

[فَصْلٌ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا أَوْ رَدَّتْ الْخِيَارَ]
(5892) فَصْلٌ: وَإِنْ خَيَّرَهَا، فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا، أَوْ رَدَّتْ الْخِيَارَ، أَوْ الْأَمْرَ، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَعَنْ الْحَسَنِ: تَكُونُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ: فَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا، فَوَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلَاثٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْفَرَدَ بِهَذَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، أَنَّ التَّخْيِيرَ كِنَايَةٌ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ، فَوَقَعَ بِهَا بِمُجَرَّدِهَا، كَسَائِرِ كِنَايَاتِهِ. وَكَقَوْلِهِ: انْكِحِي مَنْ شِئْت. وَلَنَا، قَوْلُ عَائِشَةَ: قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفَكَانَ طَلَاقًا، وَقَالَتْ: «لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بِي، فَقَالَ: إنِّي لَمُخْبِرُك خَبَرًا، فَلَا عَلَيْك أَنْ لَا تُعَجِّلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك. ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] . حَتَّى بَلَغَ: {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] . فَقُلْت: فِي أَيِّ هَذَا اسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَا فَعَلْت. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.» قَالَ مَسْرُوقٌ: مَا أُبَالِي خَيَّرْت امْرَأَتِي وَاحِدَةً، أَوْ مِائَةً، أَوْ أَلْفًا، بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي، وَلِأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ اخْتَارَتْ النِّكَاحَ، فَلَمْ يَقَعْ بِهَا الطَّلَاقُ، كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ.
فَأَمَّا إنْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 410
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست