responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 408
وَلَنَا، أَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ. رَوَى النَّجَّادُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: قَضَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ، فِي الرَّجُلِ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ، أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا. وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي الصَّحَابَةِ، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَلِأَنَّهُ خِيَارُ تَمْلِيكٍ، فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ، كَخِيَارِ الْقَبُولِ. فَأَمَّا الْخَبَرُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي، وَخِلَافُنَا فِي الْمُطْلَقِ. وَأَمَّا أَمْرُك بِيَدِك، فَهُوَ تَوْكِيلٌ، وَالتَّوْكِيلُ يَعُمُّ الزَّمَانَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَيْدٍ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. (5889) فَصْلٌ: وَقَوْلُهُ فِي وَقْتِهَا. أَيْ عَقِيبَ كَلَامِهِ، مَا لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي كَانَا فِيهِ إلَى غَيْرِ ذِكْرِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ إلَى كَلَامٍ غَيْرِهِ، بَطَلَ خِيَارُهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْتَارِي. فَلَهَا الْخِيَارُ مَا دَامُوا فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ، فَإِنْ طَالَ الْمَجْلِسُ، وَأَخَذُوا فِي كَلَامٍ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ تَخْتَرْ، فَلَا خِيَارَ لَهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَنَحْوِهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ، فَقِيلَ عَنْهُ: إنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْفَوْرِ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: الْخِيَارُ عَلَى مُخَاطَبَةِ الْكَلَامِ أَنْ تُجَاوِبَهُ وَيُجَاوِبَهَا، إنَّمَا هُوَ جَوَابُ كَلَامٍ، إنْ أَجَابَتْهُ مِنْ سَاعَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ، تَأَخَّرَ قَبُولُهُ عَنْ أَوَّلِ حَالِ الْإِمْكَانِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا، فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَبْطُلُ بِقِيَامِهَا دُونَ قِيَامِهِ؛ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ. وَعِنْدَنَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، فَبَطَلَ بِقِيَامِهِ، كَمَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا، أَوْ مَشَى، بَطَلَ الْخِيَارُ، وَإِنْ قَعَدَ، لَمْ يَبْطُلْ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، أَنَّ الْقِيَامَ يُبْطِلُ الْفِكْرَ وَالِارْتِيَاءَ فِي الْخِيَارِ، فَيَكُونُ إعْرَاضًا، وَالْقُعُودَ بِخِلَافِهِ. وَلَوْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاتَّكَأَتْ، أَوْ مُتَّكِئَةً فَقَعَدَتْ، لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْفِكْرَةَ. وَإِنْ تَشَاغَلَ أَحَدُهُمَا بِالصَّلَاةِ، بَطَلَ الْخِيَارُ. وَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةٍ فَأَتَمَّتْهَا، لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا. وَإِنْ أَضَافَتْ إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، بَطَلَ خِيَارُهَا. وَإِنْ أَكَلَتْ شَيْئًا يَسِيرًا، أَوْ قَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ. أَوْ سَبَّحَتْ شَيْئًا يَسِيرًا، لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِعْرَاضٍ. وَإِنْ قَالَتْ: اُدْعُ لِي شُهُودًا أُشْهِدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ. لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا. وَإِنْ كَانَتْ رَاكِبَةً فَسَارَتْ، بَطَلَ خِيَارُهَا. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

[فَصْلٌ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ مَتَى شَاءَتْ فِي الطَّلَاقِ]
(5890) فَصْلٌ: فَإِنْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ مَتَى شَاءَتْ، أَوْ فِي مُدَّةٍ، فَلَهَا ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. وَإِذَا قَالَ: اخْتَارِي إذَا شِئْت أَوْ مَتَى شِئْت. فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تُفِيدُ جَعْلَ الْخِيَارِ لَهَا فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ. وَإِنْ قَالَ: اخْتَارِي الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ. فَلَهَا ذَلِكَ، فَإِنْ رَدَّتْ الْخِيَارَ فِي الْأَوَّلِ، بَطَلَ كُلُّهُ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَا تُعَجِّلِي

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 408
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست