responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 405
فَيَفْتَقِرُ إلَى مَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ سَائِرُ الْكِنَايَاتِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِيهَا. وَهُوَ أَيْضًا كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، إنْ قَبِلَتْهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَفْتَقِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ إلَى نِيَّتِهَا، إذَا نَوَى الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلٍ مِنْ جِهَتِهَا، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّتِهَا، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ تَكَلَّمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَكَلَّمَتْ، وَقَالَ: لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ بَائِنٌ. وَإِنْ نَوَتْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَخْيِيرٌ، وَالتَّخْيِيرُ لَا يَدْخُلُهُ عَدَدٌ، كَخِيَارِ الْمُعْتَقَةِ.
وَلَنَا، أَنَّهَا مُوقِعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ، فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّتِهَا، كَالزَّوْجِ. وَعَلَى أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ إذَا نَوَتْ، أَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَارُ نَفْسَهَا بِالْوَاحِدَةِ، وَبِالثَّلَاثِ، فَإِذَا نَوَيَاهُ وَقَعَ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ.

[مَسْأَلَة طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ لَمْ أَجْعَلْ إلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً]
(5884) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ: لَمْ أَجْعَلْ إلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً. لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ، وَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ) وَمِمَّنْ قَالَ: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ عُثْمَانُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ. وَعَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ، وَالْقَاسِمُ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ نَوَى ثَلَاثًا، فَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ، لَمْ تَطْلُقْ ثَلَاثَةً، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَوَى وَاحِدَةً، فَهِيَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَخْيِيرِ، فَيُرْجَعُ إلَى نِيَّتِهِ فِيهِ، كَقَوْلِهِ: اخْتَارِي.
وَلَنَا، أَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٌ، فَيَتَنَاوَلُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك مَا شِئْت. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْت وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيه اللَّفْظُ، وَلَا يَدِنْ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَالْكِنَايَاتُ الظَّاهِرَةُ تَقْتَضِي ثَلَاثًا.

[مَسْأَلَةٌ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ غَيْرِهَا]
(5885) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا جَعَلَهُ فِي يَدِ غَيْرِهَا) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ غَيْرِهَا، صَحَّ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ جَعَلَهُ بِيَدِهَا، فِي أَنَّهُ بِيَدِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ. وَوَافَقَ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ. وَسَوَاءٌ قَالَ لَهُ: أَمْرُ امْرَأَتِي بِيَدِك أَوْ قَالَ: جَعَلْت

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست