responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 403
وَلَنَا، أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ مِلْكٍ بِعِوَضٍ، وَالطَّلَاقُ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ كَقَوْلِهِ: أَطْعِمِينِي، وَاسْقِينِي.

[مَسْأَلَةٌ جَعَلَ أَمَرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا]
(5879) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك. فَهُوَ بِيَدِهَا، وَإِنْ تَطَاوَلَ، مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَطَأْهَا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَ بِنَفْسِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَى الْمَرْأَةِ، وَيَجْعَلَهُ إلَى اخْتِيَارِهَا؛ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَاخْتَرْنَهُ. وَمَتَى جَعَلَ أَمَرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا، فَهُوَ بِيَدِهَا أَبَدًا، لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْمَجْلِسِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْي: هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَلَا طَلَاقَ لَهَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَخْيِيرٌ لَهَا، فَكَانَ مَقْصُورًا عَلَى الْمَجْلِسِ، كَقَوْلِهِ: اخْتَارِي. وَلَنَا، قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا، قَالَ: هُوَ لَهَا حَتَّى تُنَكِّلَ. وَلَا نَعْرِفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَيَكُونُ إجْمَاعًا. وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَوْكِيلٍ فِي الطَّلَاقِ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي، كَمَا لَوْ جَعَلَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَفَارَقَ قَوْلَهُ: اخْتَارِي. فَإِنَّهُ تَخْيِيرٌ. فَإِنْ رَجَعَ الزَّوْجُ فِيمَا جَعَلَ إلَيْهَا، أَوْ قَالَ: فَسَخْت مَا جَعَلْت إلَيْك. بَطَلَ.
وَبِذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ، فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ، كَمَا لَوْ طَلُقَتْ. وَلَنَا، أَنَّهُ تَوْكِيلٌ، فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ، وَكَمَا لَوْ خَاطَبَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا. وَقَوْلُهُمْ: تَمْلِيكٌ. لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يَنُوبُ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْهُ، فَإِذَا اسْتَنَابَ غَيْرَهُ فِيهِ كَانَ تَوْكِيلًا لَا غَيْرَ، ثُمَّ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ، فَالتَّمْلِيكُ يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ قَبْلَ اتِّصَالِ الْقَبُولِ بِهِ، كَالْبَيْعِ. وَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ كَانَ رُجُوعًا؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَوْكِيلٍ، وَالتَّصَرُّفُ فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ. وَإِنْ رَدَّتْ الْمَرْأَةُ مَا جُعِلَ إلَيْهَا بَطَلَ، كَمَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِفَسْخِ الْوَكِيلِ.
(5880) فَصْلٌ: وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْقَوْلِ، مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ إيقَاعَ طَلَاقِهَا فِي الْحَالِ، أَوْ تُطَلِّقْ نَفْسَهَا. وَمَتَى رَدَّتْ الْأَمْرَ الَّذِي جُعِلَ إلَيْهَا، بَطَلَ، وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَسْرُوقٌ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إنْ رَدَّتْ، فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَلَنَا، أَنَّهُ تَوْكِيلٌ، أَوْ تَمْلِيكٌ لَمْ يَقْبَلْهُ الْمُمَلَّكُ، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ، كَسَائِرِ التَّوْكِيلِ وَالتَّمْلِيكِ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 403
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست