responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 396
{وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال: 50] . {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 48] . وَكَذَلِكَ التَّجَرُّعُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] . فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا مَا لَيْسَ مِثْلَهُمَا.

[فَصْلٌ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ]
(5864) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ. أَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا، فَقَالَتْ: أَنْتِ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: تَطْلُقُ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْقَاسِمِ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ النِّكَاحِ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا صَحَّ فِي أَحَدِهِمَا صَحَّ فِي الْآخَرِ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ.
وَلَنَا، أَنَّهُ مَحَلٌّ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، فَلَمْ يَقَعْ وَإِنْ نَوَى، كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنَا طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ: مِنْك. لَمْ يَقَعْ، وَلَوْ كَانَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ لَوَقَعَ بِذَلِكَ، كَالْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّ الرَّجُلَ مَالِكٌ فِي النِّكَاحِ، وَالْمَرْأَةَ مَمْلُوكَةٌ، فَلَمْ يَقَعْ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِإِضَافَةِ الْإِزَالَةِ إلَى الْمَالِكِ، كَالْعِتْقِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُطَلَّقٌ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ. وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَلَّكْت امْرَأَتِي أَمْرَهَا، فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَطَّأَ اللَّهُ نَوَاهَا، إنَّ الطَّلَاقَ لَك وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْك. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (5865) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنَا مِنْك بَائِنٌ. أَوْ بَرِيءٌ. فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ: يَتَخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ مَحَلٌّ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَةِ صَرِيحِهِ إلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ بِإِضَافَةِ كِنَايَتِهِ إلَيْهِ، كَالْأَجْنَبِيِّ. وَالثَّانِي، يَقَعُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْنُونَةِ وَالْبَرَاءَةِ يُوصَفُ بِهِمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، يُقَالُ: بَانَ مِنْهَا، وَبَانَتْ مِنْهُ. وَبَرِئَ مِنْهَا، وَبَرِئَتْ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْفُرْقَةِ يُضَافُ إلَيْهِمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] . وَقَالَ تَعَالَى: {يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] . وَيُقَالُ: فَارَقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَفَارَقَهَا. وَلَا يُقَالُ: طَلَّقَتْهُ. وَلَا سَرَّحَتْهُ. وَلَا تَطْلُقَا. وَلَا تُسَرَّحَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 396
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست