responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 390
وَهَذَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هِجَاءٌ قَبِيحٌ وَذَمٌّ، حَتَّى حُكِيَ عَنْ حَسَّانَ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ سَلَّحَ عَلَيْهِمْ.
وَلَوْلَا الْقَرِينَةُ وَدَلَالَةُ الْحَالِ، كَانَ مِنْ أَحْسَنِ الْمَدْحِ وَأَبْلَغِهِ. وَفِي الْأَفْعَالِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَصْدَ رَجُلًا بِسَيْفٍ، وَالْحَالُ يَدُلُّ عَلَى الْمَزْحِ وَاللَّعِبِ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ، وَلَوْ دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى الْجِدِّ، جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ. وَالْغَضَبُ هَاهُنَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الطَّلَاقِ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ.

[فَصْلٌ أَتَى بِالْكِنَايَةِ فِي حَالِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ]
(5858) فَصْلٌ: وَإِنْ أَتَى بِالْكِنَايَةِ فِي حَالِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا أَتَى بِهَا فِي حَالِ الْغَضَبِ، عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ. وَالْوَجْهُ لِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّوْجِيهِ، إلَّا أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ هَاهُنَا، أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ، قَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: إذَا قَالَ: لَمْ أَنْوِهِ. صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، إذَا لَمْ تَكُنْ سَأَلْته الطَّلَاقَ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا غَضَبٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ، وَكَوْنِهِ فِي حَالِ الْغَضَبِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَنْصَرِفُ إلَى السُّؤَالِ، فَلَوْ قَالَ: لِي عِنْدَك دِينَارٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَوْ: صَدَقْت. كَانَ إقْرَارًا بِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ. وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي أَوْ بِعْتُك ثَوْبِي هَذَا. فَقَالَ: قَبِلْت. صَحَّ وَكَفَى، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ.
وَلَوْ أَرَادَ بِالْكِنَايَةِ حَالَ الْغَضَبِ، أَوْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ غَيْرَ الطَّلَاقِ، لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ بِالصَّرِيحِ لَمْ يَقَعْ، فَبِالْكِنَايَةِ أَوْلَى. وَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ دُيِّنَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، أَنَّهُ يُصَدَّقُ إنْ كَانَ فِي الْغَضَبِ، وَلَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ جَوَابًا لِسُؤَالِ الطَّلَاقِ. وَنُقِلَ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ بَرِيئَةٌ، أَوْ بَائِنٌ. وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ طَلَاقٍ وَلَا غَضَبٌ، صُدِّقَ. فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ مَعَ وُجُودِهِمَا.
وَحُكِيَ هَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، إلَّا فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ إلَى قَوْمٍ فَقَالُوا: لَا نُزَوِّجُك حَتَّى تُطَلِّقَ امْرَأَتَك. فَقَالَ: قَدْ طَلَّقْت ثَلَاثًا. فَزَوَّجُوهُ، ثُمَّ أَمْسَكَ امْرَأَته، فَقَالُوا: أَلَمْ تَقُلْ إنَّك طَلَّقْت ثَلَاثًا؟ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنِّي تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَطَلَّقْتهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَطَلَّقْتهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَطَلَّقْتهَا؟ فَسُئِلَ عُثْمَانُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَهُ نِيَّتُهُ. وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ يُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِيهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ، كَمَا لَوْ كَرَّرَ لَفْظًا، وَقَالَ: أَرَدْت التَّوْكِيدَ.

[مَسْأَلَة الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْكِنَايَاتِ]
(5859) مَسْأَلَةٌ؛ (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ أَنْتِ بَرِيَّةٌ، أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ، أَوْ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك، أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِك. فَهُوَ عِنْدِي ثَلَاثٌ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُفْتِيَ بِهِ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ) أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، كَرَاهِيَةُ الْفُتْيَا فِي هَذِهِ الْكِنَايَاتِ، مَعَ مَيْلِهِ إلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى، فِي " الْإِرْشَادِ " عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ؛

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست