responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 385
فِي يَمِينِهِ، فَلَهُ تَأْوِيلُهُ، يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ دَلِيلٌ لَهُ عَلَى تَأْوِيلِهِ. وَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ وَقَصْدَهَا بِالطَّلَاقِ، لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَجْهًا أَنَّهُ يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ عَلَى نِيَّتِهِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ؛ لِعُمُومِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَحْضُرُهُ التَّأْوِيلُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَتَفُوتُ الرُّخْصَةُ.

[بَابُ تَصْرِيحِ الطَّلَاقِ وَغَيْره]
ِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا بِلَفْظٍ، فَلَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، لَمْ يَقَعْ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عَطَاءٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إذَا عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتْ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، فِي مِنْ طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ: أَلَيْسَ قَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ؟ . وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَلَمْ يَحْصُلْ بِالنِّيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَإِنْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ، وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ، لَمْ يَقَعْ أَيْضًا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ اللَّفْظُ، فَاللَّفْظُ يَنْقَسِمُ فِيهِ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، فَالصَّرِيحُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَالْكِنَايَةُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ حَتَّى يَنْوِيَهُ، أَوْ يَأْتِيَ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ.

[مَسْأَلَة قَالَ قَدْ طَلَّقْتُك أَوْ قَدْ فَارَقْتُك أَوْ قَدْ سَرَّحْتُك]
(5851) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُك، أَوْ قَدْ فَارَقْتُك، أَوْ قَدْ سَرَّحْتُك. لَزِمَهَا الطَّلَاقُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ؛ الطَّلَاقُ، وَالْفِرَاقُ، وَالسَّرَاحُ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُنَّ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، إلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ لَا غَيْرُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا يُوقِعُ الطَّلَاقَ بِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةَ لَا تَفْتَقِرُ عِنْدَهُ إلَى النِّيَّةِ. وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ يُسْتَعْمَلَانِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَثِيرًا، فَلَمْ يَكُونَا صَرِيحَيْنِ فِيهِ كَسَائِرِ كِنَايَاتِهِ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ وَرَدَ بِهَا الْكِتَابُ بِمَعْنَى الْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَكَانَا صَرِيحَيْنِ فِيهِ، كَلَفْظِ الطَّلَاقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَقَالَ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130] وَقَالَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست