responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 383
[فَصْلٌ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الْمُولِي عَلَى الطَّلَاقِ]
(5847) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ، نَحْوُ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الْمُولِي عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ التَّرَبُّصِ إذَا لَمْ يَفِيئْ، وَإِكْرَاهِهِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ زَوْجَهُمَا وَلِيَّانِ، وَلَا يُعْلَمُ السَّابِقُ مِنْهُمَا عَلَى الطَّلَاقِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ حُمِلَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ، فَصَحَّ، كَإِسْلَامِ الْمُرْتَدِّ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ إكْرَاهُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لِيَقَعَ طَلَاقُهُ، فَلَوْ لَمْ يَقَعْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِكْرَاه عَلَى الطَّلَاق]
(5848) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَكُونُ مُكْرَهًا حَتَّى يُنَالَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ، مِثْلُ الضَّرْبِ أَوْ الْخَنْقِ أَوْ عَصْرِ السَّاقِ وَمَا أَشْبَهَ، وَلَا يَكُونُ التَّوَاعُدُ إكْرَاهًا) أَمَّا إذَا نِيلَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ، كَالضَّرْبِ، وَالْخَنْقِ، وَالْعَصْرِ، وَالْحَبْسِ، وَالَغَطِ فِي الْمَاءِ مَعَ الْوَعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا بِلَا إشْكَالٍ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوا عَمَّارًا، فَأَرَادُوهُ عَلَى الشِّرْكِ، فَأَعْطَاهُمْ، فَانْتَهَى إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبْكِي، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدُّمُوعَ عَنْ عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: «أَخَذَك الْمُشْرِكُونَ فَغَطُّوك فِي الْمَاءِ، وَأَمَرُوك أَنْ تُشْرِكَ بِاَللَّهِ، فَفَعَلْت، فَإِنْ أَخَذُوك مَرَّةً أُخْرَى، فَافْعَلْ ذَلِكَ بِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ الرَّجُلُ أَمِينًا عَلَى نَفْسِهِ إذَا أَجَعْته، أَوْ ضَرَبْته، أَوْ أَوْثَقْته. وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُودِ فِعْلٍ يَكُونُ بِهِ إكْرَاهًا.
فَأَمَّا الْوَعِيدُ بِمُفْرَدِهِ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، لَيْسَ بِإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِالرُّخْصَةِ مَعَهُ، هُوَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ: " أَخَذُوك فَغَطُّوك فِي الْمَاءِ ". فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ إلَّا فِيمَا كَانَ مِثْلَهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّ الْوَعِيدَ بِمُفْرَدِهِ إكْرَاهٌ. قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: حَدُّ الْإِكْرَاهِ إذَا خَافَ الْقَتْلَ، أَوْ ضَرْبًا شَدِيدًا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَعِيدِ، فَإِنَّ الْمَاضِيَ مِنْ الْعُقُوبَةِ لَا يَنْدَفِعُ بِفِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْشَى مِنْ وُقُوعِهِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ فِعْلُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يَتَوَعَّدُهُ بِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ فِيمَا بَعْدُ، وَهُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ، وَلِأَنَّهُ مَتَى تَوَعَّدَهُ بِالْقَتْلِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ، فَلَمْ يُبَحْ لَهُ الْفِعْلُ، أَفْضَى إلَى قَتْلِهِ، وَإِلْقَائِهِ بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا يُفِيدُ ثُبُوتُ الرُّخْصَةِ بِالْإِكْرَاهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَقَعَ طَلَاقُهُ، فَيَصِلُ الْمُكْرِهُ إلَى مُرَادِهِ، وَيَقَعُ الضَّرَرُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست