responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 381
نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ حَتَّى يَحْتَلِمَ. وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَحَمَّادٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الْحِجَازِ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ.» وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَلَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ كَالْمَجْنُونِ. وَوَجْهُ الْأَوْلَى قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» .
وَقَوْلُهُ: «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ» . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: اُكْتُمُوا الصِّبْيَانَ النِّكَاحَ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ فَائِدَتَهُ أَنْ لَا يُطَلِّقُوا. وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ عَاقِلٍ صَادَفَ مَحَلَّ الطَّلَاقِ، فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْبَالِغِ.

[فَصْلٌ مَنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ مِنْ الصَّبِيَّانِ]
(5843) فَصْلٌ: وَأَكْثَرُ الرِّوَايَات عَنْ أَحْمَدَ، تَحْدِيدُ مَنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ مِنْ الصِّبْيَانِ بِكَوْنِهِ يَعْقِلُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي. وَرَوَى عَنْ أَحْمَدَ أَبُو الْحَارِثِ: إذَا عَقَلَ الطَّلَاقَ، جَازَ طَلَاقُهُ، مَا بَيْنَ عَشْرٍ إلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِدُونِ الْعَشْرِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّ الْعَشْرَ حَدٌّ لِلضَّرْبِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ، فَكَذَلِكَ هَذَا. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إذَا أَحْصَى الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، جَازَ طَلَاقُهُ. وَقَالَ عَطَاءٌ إذَا بَلَغَ أَنْ يُصِيبَ النِّسَاءَ. وَعَنْ الْحَسَنِ: إذَا عَقَلَ، وَحَفِظَ الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إذَا جَاوَزَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ.

[فَصْلٌ طَلَاقَ الصَّبِيِّ]
(5844) فَصْلٌ: وَمَنْ أَجَازَ طَلَاقَ الصَّبِيِّ، اقْتَضَى مَذْهَبُهُ أَنْ يَجُوزَ تَوْكِيلُهُ فِيهِ، وَتَوَكُّلُهُ لِغَيْرِهِ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ، فِي رَجُلٍ قَالَ لَصَبِيٍّ: طَلِّقْ امْرَأَتِي. فَقَالَ: قَدْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا. لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا حَتَّى يَعْقِلَ الطَّلَاقَ فَقِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ صَبِيَّةٌ فَقَالَتْ: صَيِّرْ أَمْرِي إلَيَّ. فَقَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك. فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي. فَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ مِثْلُهَا يَعْقِلُ الطَّلَاقَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ حَتَّى يَبْلُغَ. وَحَكَاهُ عَنْ أَحْمَدَ.
وَلَنَا، أَنَّ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَجُوزُ الْوِكَالَةُ فِيهِ بِنَفْسِهِ، صَحَّ تَوْكِيلُهُ وَوَكَالَتُهُ فِيهِ، كَالْبَالِغِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ، فَهُوَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا تُجِيزُ طَلَاقَهُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست