responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 378
[مَسْأَلَةٌ طَلَاقُ الزَّائِلِ الْعَقْلِ بِلَا سُكْرٍ]
(5837) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَطَلَاقُ الزَّائِلِ الْعَقْلُ بِلَا سُكْرٍ، لَا يَقَعُ) . أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّ الزَّائِلَ الْعَقْلُ بِغَيْرِ سُكْرٍ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ. كَذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَقَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا طَلَّقَ فِي حَالِ نَوْمِهِ، لَا طَلَاقَ لَهُ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنْ النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ.» وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ، إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ.» رَوَاهُ النَّجَّادُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ، وَهُوَ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ ذَلِكَ. وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَاعْتُبِرَ لَهُ الْعَقْلُ، كَالْبَيْعِ.
وَسَوَاءٌ زَالَ عَقْلُهُ لَجُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ، أَوْ نَوْمٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ، أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ شَرِبَ مَا يُزِيلُ عَقْلَهُ شُرْبُهُ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُزِيلٌ لِلْعَقْلِ، فَكُلُّ هَذَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. فَأَمَّا إنْ شَرِبَ الْبَنْجَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُزِيلُ عَقْلَهُ، عَالِمًا بِهِ، مُتَلَاعِبًا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ السَّكْرَانِ فِي طَلَاقِهِ. وَبِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَقَع طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْتَذُّ بِشُرْبِهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ زَالَ عَقْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ، فَأَشْبَهَ السَّكْرَانَ.

[فَصْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَ]
(5838) فَصْلِ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَ، فَلَمَّا أَفَاقَ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِذَلِكَ، فَقَالَ: إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِذَلِكَ، فَلَيْسَ هُوَ مُغْمَى عَلَيْهِ، يَجُوزُ طَلَاقُهُ. وَقَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، فِي الْمَجْنُونِ يُطَلِّقُ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَمَا أَفَاقَ: إنَّك طَلَّقْت امْرَأَتَك. فَقَالَ: أَنَا أَذْكُرُ أَنِّي طَلَّقْت، وَلَمْ يَكُنْ عَقْلِي مَعِي. فَقَالَ: إذَا كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ طَلَّقَ، فَقَدْ طَلُقَتْ. فَلَمْ يَجْعَلْهُ مَجْنُونًا إذَا كَانَ يَذْكُرُ الطَّلَاقَ، وَيَعْلَمُ بِهِ. وَهَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فِي مَنْ جُنُونُهُ بِذَهَابِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبُطْلَانِ حَوَاسِّهِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ جُنُونُهُ لِنُشَافٍ أَوْ كَانَ مبرسما، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حُكْمُ تَصَرُّفِهِ، مَعَ أَنَّ مَعْرِفَتَهُ غَيْرُ ذَاهِبَةٍ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا يَضُرُّهُ ذِكْرُهُ لِلطَّلَاقِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست