responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 371
كَانَتْ حَائِضًا، لَزِمَهَا الطَّلَاقُ إذَا طَهُرَتْ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَة مُجَامَعَةً فِيهِ، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، لَزِمَهَا الطَّلَاقُ) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فَمَعْنَاهُ فِي وَقْتِ السُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا غَيْرَ مُجَامَعَةٍ فِيهِ، فَهُوَ وَقْتُ السُّنَّةِ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ حَامِلًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَمْلَ طَلَاقُهَا لِلسُّنَّةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: «ثُمَّ لِيُطَلِّقَهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. فَأَمَرَهُ بِالطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ أَوْ فِي الْحَمْلِ، فَطَلَاقُ السُّنَّةِ مَا وَافَقَ الْأَمْرَ، وَلِأَنَّ مُطَلِّقَ الْحَامِلِ الَّتِي اسْتَبَانَ حَمْلُهَا قَدْ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ، فَلَا يَخَافُ ظُهُورَ أَمْرٍ يَتَجَدَّدُ بِهِ النَّدَمُ، وَلَيْسَتْ مُرْتَابَةً؛ لِعَدَمِ اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا، فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ. فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِصِفَتِهَا، فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ. وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَحَائِضٍ، لَمْ تَقَعْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهَا طَلَاقُ بِدْعَةٍ. لَكِنْ إذَا طَهُرَتْ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ حِينَئِذٍ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي النَّهَارِ. فَإِنْ كَانَتْ فِي النَّهَارِ طَلُقَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي اللَّيْلِ طَلُقَتْ إذَا جَاءَ النَّهَارُ.
وَإِنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ وَالْحَيْضَ بَعْدَهُ زَمَانُ بِدْعَةٍ، فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، طَلُقَتْ حِينَئِذٍ، لِأَنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. فَإِنْ أَوْلَجَ فِي آخِرِ الْحَيْضَةِ، وَاتَّصَلَ بِأَوَّلِ الطُّهْرِ، أَوْ أَوْلَجَ مَعَ أَوَّلِ الطُّهْرِ، لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، لَكِنْ مَتَى جَاءَ طُهْرٌ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ، طَلُقَتْ فِي أَوَّلِهِ. وَهَذَا كُلُّهُ. مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. (5823) فَصْلٌ: إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ مِنْ الْحَيْضِ فَقَدْ دَخَلَ زَمَانُ السُّنَّةِ، وَيَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ. كَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ طَهُرَتْ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ لِدُونِ أَكْثَرِهِ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَغْتَسِلَ، أَوْ تَتَيَمَّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَتُصَلِّيَ، أَوْ يَخْرُجَ عَنْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يُوجَدْ، فَمَا حَكَمْنَا بِانْقِطَاعِ حَيْضِهَا. وَلَنَا، أَنَّهَا طَاهِرٌ. فَوَقَعَ بِهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ، كَاَلَّتِي طَهُرَتْ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا طَاهِرٌ، أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ، وَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ، وَيَصِحُّ مِنْهَا، وَتُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهَا، وَلِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «فَإِذَا طَهُرَتْ، طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ» . وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّنَا لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِالطُّهْرِ، لَمَا أَمَرْنَاهَا بِالْغُسْلِ، وَلَا صَحَّ مِنْهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست