responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 360
لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْخُلْعِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ، أَوْ جِنْسِهِ، أَوْ حُلُولِهِ، أَوْ تَأْجِيلِهِ، أَوْ صِفَتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ. حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ نَصًّا عَنْ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ يَخْرُجُ مِنْ مِلِكِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي عِوَضِهِ، كَالسَّيِّدِ مَعَ مُكَاتَبَتِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَحَالَفَانِ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي عِوَضِ الْعَقْدِ، فَيَتَحَالَفَانِ فِيهِ، كَالْمُتَبَايِعِينَ إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْخُلْعِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ، كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُنْكِرَةٌ لِلزِّيَادَةِ فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . وَأَمَّا التَّحَالُفُ فِي الْبَيْعِ، فَيُحْتَاجُ إلَيْهِ لِفَسْخِ الْعَقْدِ، وَالْخُلْعُ فِي نَفْسِهِ فَسْخٌ، فَلَا يُفْسَخُ.
وَإِنْ قَالَ: خَالَعْتُكِ بِأَلْفٍ. فَقَالَتْ: إنَّمَا خَالَعَكَ غَيْرِي بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ. بَانَتْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ لَهُ. وَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَكِنْ ضَمِنَهَا لَك أَبِي أَوْ غَيْرُهُ. لَزِمَهَا الْأَلْفُ، لِإِقْرَارِهَا بِهِ، وَالضَّمَانُ لَا يُبْرِئُ ذِمَّتَهَا وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ: خَالَعْتُكَ عَلَى أَلْفٍ يَزِنُهُ لَك أَبِي. لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالْأَلْفِ وَادَّعَتْ عَلَى أَبِيهَا دَعْوَى، فَقُبِلَ قَوْلُهَا عَلَى نَفْسِهَا دُونَ غَيْرِهَا. وَإِنْ قَالَ: سَأَلَتْنِي طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَقَالَتْ: بَلْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقْتَنِي وَاحِدَةً. بَانَتْ بِإِقْرَارٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي سُقُوطِ الْعِوَضِ. وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، يَلْزَمُهَا ثُلْثُ الْأَلْفِ. بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِيمَا إذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ. فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، أَنَّهُ يَلْزَمُهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفٍ، فَادَّعَى أَنَّهَا دَنَانِيرُ، وَقَالَتْ: بَلْ هِيَ دَرَاهِمُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: كَانَتْ دَرَاهِمَ قِرَاضِيَّةً. وَقَالَ الْآخِرُ: مُطْلَقَةً. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْقَاضِي، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لَزِمَ الْأَلْفُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ.
وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا دَرَاهِمَ قِرَاضِيَّةً، لَزِمَهَا مَا اتَّفَقَتْ إرَادَتُهُمَا عَلَيْهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِرَادَةِ، كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمُطْلَقَةِ، يَرْجِعُ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا اخْتَلَفَا فِي الْإِرَادَةِ، وَجَبَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا يَجْعَلُ الْبَدَلَ مَجْهُولًا، فَيَجِبُ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ أَطْلَقَا، لَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ، وَوَجَبَ الْأَلْفُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهُمَا جَهَالَةً تَمْنَعُ صِحَّةَ الْعِوَضِ، فَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا، وَلِأَنَّهُ يُجِيزُ الْعِوَضَ الْمَجْهُولَ إذَا لَمْ تَكُنْ جَهَالَتُهُ تَزِيدُ عَلَى جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ وَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ، وَالْجَهَالَةُ هَا هُنَا أَقَلُّ، فَالصِّحَّةُ أَوْلَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 360
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست