responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 358
مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ رَشِيدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ الْخُلْعَ، فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا وَمُوَكِّلًا فِيهِ، كَالْحُرِّ الرَّشِيدِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. يَكُونُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ اسْتِدْعَاءُ الْخُلْعِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَتَقْدِيرُ الْعِوَضِ، وَتَسْلِيمُهُ. وَتَوْكِيلُ الرَّجُلِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ شَرْطُ الْعِوَضِ، وَقَبْضُهُ، وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ.
وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ مَعَ تَقْدِيرِ الْعِوَضِ، وَمِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَصَحَّ كَذَلِكَ، كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ. وَالْمُسْتَحَبُّ التَّقْدِيرُ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ، وَأَسْهَلُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ. فَإِنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ، لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ: الْحَالُ الْأَوَّلُ، أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ الْعِوَضَ، فَخَالَعَ بِهِ أَوْ بِمَا زَادَ، صَحَّ، وَلَزِمَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَإِنْ خَالَعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛: أَحَدُهُمَا، لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي خُلْعِ امْرَأَةٍ فَخَالَعَ أُخْرَى، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْخُلْعِ بِهَذَا الْعِوَضِ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ، كَالْأَجْنَبِيِّ. وَالثَّانِي، يَصِحُّ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي قَدْرِ الْعِوَضِ لَا تُبْطِلُ الْخُلْعَ، كَحَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَأَمَّا إنْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ، مِثْلُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْخُلْعِ عَلَى دَرَاهِمَ، فَخَالَعَ عَلَى عَبْدٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ يَأْمُرَهُ بِالْخُلْعِ حَالًّا، فَخَالَعَ بِعِوَضٍ نَسِيئَةً، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمُوَكِّلِهِ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ، فَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ، وَلِأَنَّ مَا خَالَعَ بِهِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَلَا الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدُ السَّبَبُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. وَفَارَقَ الْمُخَالَفَةَ فِي الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ جَبْرُهُ بِالرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ عَلَى الْوَكِيلِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَ الْوَكِيلَ الْقَدْرُ الَّذِي أُذِنَ فِيهِ، وَيَكُونَ لَهُ مَا خَالَعَ، قِيَاسًا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْقَدْرِ، وَهَذَا يَبْطُلُ بِالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ، وَلِأَنَّ هَذَا خُلْعٌ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الزَّوْجُ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِي شَيْءٍ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَمْلِكَ عِوَضًا مَا مَلَّكَتْهُ إيَّاهُ الْمَرْأَةُ، وَلَا قَصَدَ هُوَ تَمَلُّكَهُ، وَتَنْخَلِعُ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ لَزِمَهَا لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَأَمَّا الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ، فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ فِيهَا أَيْضًا، لِمَا قَدَّمْنَاهُ. وَالْحَالُ الثَّانِي، إذَا أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْخُلْعَ بِمَهْرِهَا الْمُسَمَّى حَالًّا مِنْ جِنْسِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ خَالَعَ بِذَلِكَ فَمَا زَادَ، صَحَّ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، وَإِنْ خَالَعَ بِدُونِهِ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِيمَا إذَا قَدَّرَ لَهُ الْعِوَضَ فَخَالَعَ بِدُونِهِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَسْقُطَ الْمُسَمَّى، وَيَجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ خَالَعَ بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ. وَالثَّانِي، أَنْ يَتَخَيَّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ قَبُولِ الْعِوَضِ نَاقِصًا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ، وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ. وَإِنْ خَالَعَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست