responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 352
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَ ذَلِكَ، إذَا رَأَى الْحَظَّ فِيهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحَظُّ لَهَا فِيهِ بِتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُتْلِفُ مَالَهَا، وَتَخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَعَقْلِهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ بَذْلُ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ تَبْذِيرًا وَلَا سَفَهًا، فَيَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِهَا لِتَحْصِيلِ حَظِّهَا، وَحِفْظِ نَفْسِهَا وَمَالِهَا، كَمَا يَجُوزُ بَذْلُهُ فِي مُدَاوَاتِهَا، وَفَكِّهَا مِنْ الْأَسْرِ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا فِي هَذَا سَوَاءٌ. وَإِنْ خَالَعَهَا بِشَيْءِ مِنْ مَالِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَمِنْ الْوَلِيِّ أَوْلَى.

[فَصْلٌ قَالَ الْأَبُ طَلْق ابْنَتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا فَطَلَّقَهَا]
(5799) فَصْلٌ: إذَا قَالَ الْأَبُ: طَلِّقْ ابْنَتِي، وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا. فَطَلَّقَهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ شَيْءٍ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَبِ، وَلَمْ يَضْمَنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأْهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ. قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ. قَالَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ إبْرَاءَ الْأَبِ لَا يَصِحُّ، فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ غَرَّهُ فَزَوَّجَهُ مَعِيبَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إبْرَاءَ الْأَبِ لَا يَصِحُّ، لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ خَلَا عَنْ الْعِوَضِ. وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْجِعُ، عَلَيْهِ، يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ.
فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: هِيَ طَالِقٌ إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ صَدَاقِهَا. فَقَالَتْ: قَدْ أَبْرَأْتُك. لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ. فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ إذَا قَصَدَ الزَّوْجُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّلَفُّظِ بِالْإِبْرَاءِ، دُونَ حَقِيقَةِ الْبَرَاءَةِ. وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: هِيَ طَالِقٌ إنْ بَرِئْت مِنْ صَدَاقِهَا. لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ وَلَمْ يُوجَدْ. وَإِنْ قَالَ الْأَبُ: طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِهَا، وَعَلَيَّ الدَّرْكُ. فَطَلَّقَهَا، طَلُقَتْ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ، وَهُوَ مَا لَزِمَ الْأَبَ مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ، وَلَا يَمْلِكُ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَذْلُهَا.

[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا قَدْ شِئْنَا]
(5800) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا. فَقَالَتَا: قَدْ شِئْنَا. وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا بَائِنًا، وَلَزِمَهُمَا الْعِوَضُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَهْرَيْهِمَا. وَإِنْ شَاءَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، لَمْ يُطَلِّقْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا شِئْتُمَا صِفَةً فِي طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. وَيُخَالِفُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ. فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، لَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِعِوَضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ فِي طَلَاقِهَا شَرْطًا، وَهَاهُنَا عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِمَشِيئَتِهِمَا جَمِيعًا، فَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِمَا: قَدْ شِئْنَا لَفْظًا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْقَلْبِ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: مَا شِئْتُمَا وَإِنَّمَا قُلْتُمَا ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِكُمَا. أَوْ قَالَتَا: مَا شِئْنَا بِقُلُوبِنَا. لَمْ يُقْبَلْ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست