responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 33
يَلْحَقُ بِالِانْتِظَارِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَيَذْهَبُ الْخَاطِبُ، وَمَنْ لَا يَصِلُ الْكِتَابُ مِنْهُ أَبْعَدُ، وَمَنْ هُوَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي مُكَاتَبَتِهِ.
وَالتَّوَسُّطُ أَوْلَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَقَوْلِ الْقَاضِي، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: مِنْ الرَّيِّ إلَى بَغْدَادَ. وَبَعْضُهُمْ قَالَ: مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الرَّقَّةِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ يُشْبِهَانِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي الْغَيْبَةِ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَسَافَةُ الْقَصْرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ قَرِيبًا. وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ، أَنَّهُ يُنْتَظَرُ وَيُرَاسَلُ حَتَّى يَقْدَمَ أَوْ يُوَكِّلَ.
فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْقَرِيبُ مَحْبُوسًا، أَوْ أَسِيرًا فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ، فَهُوَ كَالْبَعِيدِ، فَإِنَّ الْبُعْدَ لَمْ يُعْتَبَرْ لِعَيْنِهِ، بَلْ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى التَّزْوِيجِ بِنَظَرِهِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هَاهُنَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ غَائِبًا لَا يُعْلَمُ أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ، أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ قَرِيبٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ، فَهُوَ كَالْبَعِيدِ.

[مَسْأَلَةٌ اشْتِرَاطُ الْكَفَاءَةِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ]
(5189) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِذَا زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي اشْتِرَاطِ الْكَفَاءَةِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا شَرْطٌ لَهُ. قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَشْرَبُ الشَّرَابَ: مَا هُوَ بِكُفْءٍ لَهَا، يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُتَزَوِّجُ حَائِكًا فَرَّقْت بَيْنَهُمَا؛ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لِأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ، إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ. رَوَاهُ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ سَلْمَانُ وَجَرِيرٌ فِي سَفَرٍ، فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَقَالَ جَرِيرٌ لِسَلْمَانِ: تَقَدَّمْ أَنْتَ. قَالَ سَلْمَانُ: بَلْ أَنْتَ تَقَدَّمْ، فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْكُمْ فِي صَلَاتِكُمْ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُكُمْ، إنَّ اللَّهَ فَضَّلَكُمْ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَهُ فِيكُمْ. وَلِأَنَّ التَّزْوِيجَ، مَعَ فَقْدِ الْكَفَاءَةِ، تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ مَنْ يَحْدُثُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُنْكِحُوا النِّسَاءَ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ، وَلَا يُزَوِّجُهُنَّ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: هَذَا ضَعِيفٌ، لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي النِّكَاحِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ عَوْنٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست