responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 327
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ عَقْدٍ، الْجَوَازُ فِي الْمُعَاوَضَةِ؛ بِدَلِيلِ الرِّبَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي الْعَقْدِ وَأَبَاحَهُ فِي الْهِبَةِ.
وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ حَرَّمَهُ، وَخُصُوصُ الْآيَةِ فِي التَّحْرِيمِ، يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُمُومِ آيَةِ الْجَوَازِ، مَعَ مَا عَضْدَهَا مِنْ الْأَخْبَارِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ عَضَلِ زَوْجَتَهُ وَضَارَّهَا بِالضَّرْبِ]
(5751) فَصْلٌ: فَأَمَّا إنْ عَضَلَ زَوْجَتَهُ، وَضَارَّهَا بِالضَّرْبِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا، أَوْ مَنَعَهَا حُقُوقَهَا؛ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْقَسْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَفَعَلَتْ، فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ، وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالْعِوَضُ لَازِمٌ، وَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ.
وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] . وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ أُكْرِهْنَ عَلَى بَذْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَمْ يُسْتَحَقَّ، كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ. وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ الْعِوَضَ، وَقُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ. وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَلَهُ رَجْعُهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إنَّمَا سَقَطَتْ بِالْعِوَضِ، فَإِذَا سَقَطَ الْعِوَضُ، ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ.
وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ. وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَقَعُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، إنَّمَا رَضِيَ بِالْفَسْخِ هَاهُنَا بِالْعِوَضِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِوَضُ، لَا يَحْصُلُ الْمُعَوَّضُ. وَقَالَ مَالِكٌ إنَّ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، رَدَّهُ، وَمَضَى الْخُلْعُ عَلَيْهِ. وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِثْلُ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا: يَصِحُّ الْخُلْعُ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

[فَصْلٌ ضَرَبَهَا عَلَى نُشُوزِهَا وَمَنَعَهَا حَقَّهَا]
(5752) فَصْلٌ: فَأَمَّا إنْ ضَرَبَهَا عَلَى نُشُوزِهَا، وَمَنَعَهَا حَقَّهَا، لَمْ يَحْرُمْ خُلْعُهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُمَا أَنْ لَا يَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّه وَفِي بَعْضِ حَدِيثِ حَبِيبَةَ، أَنَّهَا «كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، فَضَرَبَهَا فَكَسَرَ ضِلْعَهَا، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَابِتًا، فَقَالَ: خُذْ بَعْضَ مَالِهَا، وَفَارِقْهَا فَفَعَلَ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَكَذَا لَوْ ضَرَبَهَا ظُلْمًا؛ لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ غَيْرِهِ، لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مُخَالَعَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْضُلْهَا لِيَذْهَبَ بِبَعْضِ مَا آتَاهَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ إثْمُ الظُّلْمِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست