responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 299
فَأَمَّا زَوْجَتُهُ الْأَمَهُ، فَيَحْتَمِلُ جَوَازُ الْعَزْلِ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ اسْتِدْلَالًا بِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُسْتَأْذَنُ الْحُرَّةُ، وَلَا تُسْتَأْذَنُ الْأَمَةُ. وَلِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي اسْتِرْقَاقِ وَلَدِهِ، بِخِلَافِ الْحُرَّةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا بِإِذْنِهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ تَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِالْوَطْءِ فِي الْفَيْئَةِ، وَالْفَسْخَ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْعُنَّةِ، وَتَرْكُ الْعَزْلِ مِنْ تَمَامِهِ، فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إذْنِهَا، كَالْحُرَّةِ.

[فَصْلٌ عَزْل عَنْ زَوْجَته أَوْ أُمَّته ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدِ]
(5702) فَصْلٌ: فَإِنْ عَزَلَ عَنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ لِي جَارِيَةً، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، فَقَالَ: اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْت، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كُنْت أَعْزِلُ عَنْ جَارِيَةٍ لِي، فَوَلَدَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إلَيَّ. وَلِأَنَّ لُحُوقَ النَّسَبِ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْإِنْزَالُ، كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْزَالُ، وَلَا يُحِسُّ بِهِ.

[فَصْلٌ آدَاب الْجِمَاع]
ِ. تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ قَبْلَهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 223] . قَالَ عَطَاءٌ: هِيَ التَّسْمِيَةُ عِنْد الْجِمَاعِ. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ حِينَ يَأْتِي أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَوُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُكْرَهُ التَّجَرُّدُ عِنْدُ الْمُجَامَعَةِ؛ لِمَا رَوَى عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ» ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ غَطَّى رَأْسَهُ، وَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ غَطَّى رَأْسَهُ» . وَلَا يُجَامِعُ بِحَيْثُ يَرَاهُمَا أَحَدٌ، أَوْ يَسْمَعُ حِسَّهُمَا. وَلَا يُقَبِّلُهَا وَيُبَاشِرُهَا عِنْدَ النَّاسِ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَكْتُمَ هَذَا كُلَّهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ، فِي الَّذِي يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ، وَالْأُخْرَى تَسْمَعُ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْوَجْسَ وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ.
وَلَا يَتَحَدَّثُ بِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: «جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَأَقْبَلَ عَلَى الرِّجَالِ، فَقَالَ: لَعَلَّ أَحَدَكُمْ يُحَدِّثُ بِمَا يَصْنَعُ بِأَهْلِهِ إذَا خَلَا؟ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: لَعَلَّ إحْدَاكُنَّ تُحَدِّثُ النِّسَاءَ بِمَا يَصْنَعُ بِهَا زَوْجُهَا؟ . قَالَ: فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، وَإِنَّا لِنَفْعَلَ. فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكُمْ كَمَثَلِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً، فَجَامَعَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ.»

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست