responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 283
[فَصْلٌ دُخُول مَنْزِل فِيهِ صُورَة]
(5675) فَصْلٌ: فَأَمَّا دُخُولُ مَنْزِلٍ فِيهِ صُورَةٌ، فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ تَرْكُ الدَّعْوَةِ مِنْ أَجَلِهِ عُقُوبَةً لِلدَّاعِي، بِإِسْقَاطِ حُرْمَتِهِ؛ لِإِيجَادِهِ الْمُنْكَرَ فِي دَارِهِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ رَآهُ فِي مَنْزِلِ الدَّاعِي الْخُرُوجُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ، فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ، إذَا رَأَى صُوَرًا عَلَى السِّتْرِ، لَمْ يَكُنْ رَآهَا حِينَ دَخَلَ؟ قَالَ: هُوَ أَسْهَلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْجِدَارِ. قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَرَهُ إلَّا عِنْدَ وَضْعِ الْخِوَانُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، أَيَخْرُجُ؟ فَقَالَ: لَا تُضَيِّقْ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ إذَا رَأَى هَذَا وَبَّخَهُمْ وَنَهَاهُمْ. يَعْنِي لَا يَخْرُجُ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُهَا تَنَزُّهًا، وَلَا يَرَاهَا مُحَرَّمَةً. وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إذَا كَانَتْ الصُّوَرُ عَلَى السُّتُورِ، أَوْ مَا لَيْسَ بِمَوْطُوءٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الدُّخُولُ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا، لَمَا جَازَ تَرْكُ الدَّعْوَةِ الْوَاجِبَةِ مِنْ أَجْلِهِ.
وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْكَعْبَةَ، فَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ، فَقَالَ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ، لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ دَخَلَ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَفِي شُرُوطِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ: أَنْ يُوَسِّعُوا أَبْوَابَ كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ، لِيَدْخُلَهَا الْمُسْلِمُونَ لِلْمَبِيتِ بِهَا، وَالْمَارَّةُ بِدَوَابِّهِمْ، وَرَوَى ابْنُ عَائِذٍ فِي " فُتُوحِ الشَّامِ "، أَنَّ النَّصَارَى صَنَعُوا لَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، حِينَ قَدِمَ الشَّامَ، طَعَامًا، فَدَعَوْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالُوا: فِي الْكَنِيسَةِ، فَأَبَى أَنْ يَذْهَبَ، وَقَالَ لَعَلِيٍّ: امْضِ بِالنَّاسِ، فَلِيَتَغَدَّوْا. فَذَهَبَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنَّاسِ، فَدَخَلَ الْكَنِيسَةَ، وَتَغَدَّى هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ، وَجَعَلَ عَلِيٌّ يَنْظُرُ إلَى الصُّوَرِ، وَقَالَ: مَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ دَخَلَ فَأَكَلَ،
وَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى إبَاحَةِ دُخُولِهَا وَفِيهَا الصُّورُ، وَلِأَنَّ دُخُولَ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، فَكَذَلِكَ الْمَنَازِلُ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرُ، وَكَوْنُ الْمَلَائِكَةِ لَا تَدْخُلُهُ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ دُخُولِهِ عَلَيْنَا، كَمَا لَوْ كَانَ فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا صُحْبَةُ رُفْقَةٍ فِيهَا جَرَسٌ، مَعَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَصْحَبُهُمْ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ تَرْكُ الدَّعْوَةِ مِنْ أَجْلِهِ عُقُوبَةً لِفَاعِلِهِ، وَزَجْرًا لَهُ عَنْ فِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ سِتْر الْحِيطَان بِسُتُورِ غَيْر مُصَوِّرَة]
(5676) فَصْلٌ: فَأَمَّا سَتْرُ الْحِيطَانِ بِسُتُورٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ؛ فَإِنْ كَانَ لَحَاجَةٍ مِنْ وِقَايَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي حَاجَتِهِ، فَأَشْبَهَ السِّتْرَ عَلَى الْبَاب، وَمَا يَلْبَسُهُ عَلَى بَدَنِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَعُذْرٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الدَّعْوَةِ وَتَرْكِ الْإِجَابَةِ؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَعْرَسْت فِي عَهْدِ أَبِي فَآذَنَ أَبِي النَّاسَ، فَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ فِيمَنْ آذَنَ، وَقَدْ سَتَرُوا بَيْتِي بِخِبَاءٍ أَخْضَرَ، فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُسْرِعًا، فَاطَّلَعَ، فَرَأَى الْبَيْتَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست