responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 266
وَالثَّانِي، لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهَا أَخَّرَتْ اسْتِيفَاءَ حَقِّهَا، فَلَا يَسْقُطُ، كَمَا لَوْ أَجْلَتْ قَبَضَ دَرَاهِمِهَا. وَهَلْ تَرْجِعُ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، أَوْ إلَى مَهْرِ الْأُخْرَى؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَانِ.

[فَصْلٌ الزِّيَادَةُ فِي الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْحَقُ بِهِ]
(5644) فَصْلٌ: الزِّيَادَةُ فِي الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْحَقُ بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، قَالَ، فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلَى مَهْرٍ، فَلَمَّا رَآهَا زَادَهَا فِي مَهْرِهَا: فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ، وَاَلَّذِي زَادَهَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَلْحَقُ الزِّيَادَةُ بِالْعَقْدِ، فَإِنْ زَادَهَا فَهِيَ هِبَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ هِبَتِهَا، لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ مِنْ الزِّيَادَةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا زَوَّجَ رَجُلٌ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا، فَقَالَتْ الْأَمَةُ: زِدْنِي فِي مَهْرِي حَتَّى أَخْتَارَك فَالزِّيَادَةُ لِلْأَمَةِ، وَلَوْ لَحِقَتْ بِالْعَقْدِ، كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلسَّيِّدِ.
وَلَيْسَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَلْحَقُ بِالْعَقْدِ، فَإِنَّ مَعْنَى لُحُوقِ الزِّيَادَةِ بِالْعَقْدِ، أَنَّهَا تَلْزَمُ وَيَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الصَّدَاقِ؛ مِنْ التَّنْصِيفِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهَا قَبْلَ وُجُودِهَا، وَأَنَّهَا تَكُونُ لِلسَّيِّدِ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ الْبُضْعَ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، فَلَمْ يَحْصُلْ بِالزِّيَادَةِ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَلَا تَكُونُ عِوَضًا فِي النِّكَاحِ، كَمَا لَوْ وَهَبَهَا شَيْئًا، وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي عِوَضِ الْعَقْدِ بَعْدَ لُزُومِهِ، فَلَمْ يُلْحَقُ بِهِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] وَلِأَنَّ مَا بَعْدَ الْعَقْدِ زَمَنٌ لِفَرْضِ الْمَهْرِ، فَكَانَ حَالَةَ الزِّيَادَةِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. قُلْنَا: هَذَا يَبْطُلُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ فَإِنَّ الْمِلْكَ مَا حَصَلَ بِهِ، وَلِهَذَا صَحَّ خُلُوُّهُ عَنْهُ، وَهَذَا أَلْزَمُ عِنْدَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: مَهْرُ الْمُفَوِّضَةِ إنَّمَا وَجَبَ بِفَرْضِهِ لَا بِالْعَقْدِ، وَقَدْ مَلَكَ الْبُضْعَ بِدُونِهِ.
ثُمَّ إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِدَ ثُبُوتُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ، فَيَكُونَ كَأَنَّهُ ثَبَتَ بِهِمَا جَمِيعًا، كَمَا قَالُوا فِي مَهْرِ الْمُفَوِّضَةِ إذَا فَرَضَهُ، وَكَمَا قُلْنَا جَمِيعًا فِيمَا إذَا فَرَضَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ مَعْنَى لُحُوقِ الزِّيَادَةِ بِالْعَقْدِ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، فِي أَنَّهَا تَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ فِيهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَلِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِمَنْ كَانَ الصَّدَاقُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَى سَبَبِهِ، وَلَا وُجُودِهِ فِي حَالِ عَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بَعْدَ سَبَبَهُ مِنْ حِينَئِذٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي الزِّيَادَةِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ.
وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَنْ جَعَلَهَا صَدَاقًا، جَعَلَهَا تَسْتَقِرُّ بِالدُّخُولِ وَتَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ، وَتَسْقُطُ كُلُّهَا إذَا جَاءَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، وَمَنْ جَعَلَهَا هِبَةً

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست