responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 260
الزَّوَالِ، فَهُوَ كَالصِّغَرِ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِزَفِّ الْمَرِيضَةِ إلَى زَوْجِهَا، وَالتَّسْلِيمُ فِي الْعَقْدِ يَجِبُ عَلَى حَسَبِ الْعُرْفِ. فَإِنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا، فَتَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ، فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ عَارِضٌ يَعْرِضُ وَيَتَكَرَّرُ، فَيَشُقُّ إسْقَاطُ النَّفَقَةِ بِهِ، فَجَرَى مَجْرَى الْحَيْضِ، وَلِهَذَا لَوْ مَرِضَتْ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا، لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا.
وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا، فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَسَلُّمُهَا، كَالصَّغِيرَةِ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِتَسَلُّمِهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا، وَإِنْ امْتَنَعَ، فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ عَارِضٌ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَيَتَكَرَّرُ، فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ.
فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَرَضُ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، لَزِمَ تَسْلِيمُهَا إلَى الزَّوْجِ إذَا طَلَبَهَا، وَلَزِمَهُ تَسَلُّمُهَا إذَا عُرِضَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهَا حَالَةٌ يُرْجَى زَوَالُ ذَلِكَ فِيهَا، فَلَوْ لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا لَمْ يُفِدْ التَّزْوِيجُ فَائِدَةً، وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ نِضْوَةَ الْخَلْقِ، وَهُوَ جَسِيمٌ، تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا الْإِفْضَاءَ مِنْ عِظَمِ خَلْقِهِ، فَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ جِمَاعِهَا، وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا امْتِنَاعُ الِاسْتِمْتَاعِ لِمَعْنَى فِيهِ، وَهُوَ عِظَمُ خَلْقِهِ، بِخِلَافِ الرَّتْقَاءِ.
وَإِنْ طَلَبَ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ وَهِيَ حَائِضٌ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَجِبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ، فَأَشْبَهَ الْمَرَضَ الْمَرْجُوَّ الزَّوَالِ، وَاحْتَمَلَ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَزُولُ قَرِيبًا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، فَإِذَا طَلَبَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ مِنْهُ، كَمَا لَمْ يَجُزْ لَهَا مَنْعُهُ مِنْهُ بَعْدَ تَسَلُّمِهَا. وَإِنْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ، فَأَبَاهَا حَتَّى تَطْهُرَ، فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا وَنَفَقَتُهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ لَا يَلْزَمَهُ ذَلِكَ كَالْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ الزَّوَالِ.

[فَصْل مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى تَتَسَلَّمَ صَدَاقَهَا]
(5636) فَصْلٌ: فَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى تَتَسَلَّمَ صَدَاقَهَا، وَكَانَ حَالًّا، فَلَهَا ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، حَتَّى يُعْطِيَهَا مَهْرَهَا. وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: لَا أُسَلِّمُ إلَيْهَا الصَّدَاقَ حَتَّى أَتَسَلَّمَهَا. أُجْبِرَ الزَّوْجُ عَلَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ أَوَّلًا، ثُمَّ تُجْبَرُ هِيَ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا عَلَى نَحْوِ مَذْهَبِهِ فِي الْبَيْعِ.
وَلَنَا، أَنَّ فِي إجْبَارِهَا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا أَوَّلًا خَطَرَ إتْلَافِ الْبُضْعِ، وَالِامْتِنَاعِ مِنْ بَذْلِ الصَّدَاقِ، وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْبُضْعِ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ثَمَنَهُ. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَلَهَا النَّفَقَةُ مَا امْتَنَعَتْ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِالصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهَا بِحَقٍّ. وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا، فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا بِتَأْجِيلِهِ رِضَى بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهِ، كَالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ فِي الْبَيْعِ.
فَإِنْ حَلَّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست