responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 247
بِالطَّلَاقِ وَكَمَلَ الْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ، وَلَمْ يَكْمُلْ بِالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الذِّمِّيَّةُ فَإِنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِالْمَوْتِ، فَكَمَلَ لَهَا الصَّدَاقُ كَالْمُسْلِمَةِ، أَوْ كَمَا لَوْ سَمَّى لَهَا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ وَالذِّمِّيَّةَ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الصَّدَاقِ فِي مَوْضِعٍ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَخْتَلِفَا هَاهُنَا. (5613) فَصْلٌ: قَوْلُهُ: " مَهْرُ نِسَائِهَا ". يَعْنِي مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ أَقَارِبِهَا. وَقَالَ مَالِكٌ تُعْتَبَرُ بِمَنْ هِيَ فِي مِثْلِ كَمَالِهَا وَمَالِهَا وَشَرَفِهَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِأَقْرِبَائِهَا؛ لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ إنَّمَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ دُونَ الْأَقَارِبِ.
وَلَنَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا. وَنِسَاؤُهَا أَقَارِبُهَا. وَمَا ذَكَرَهُ فَنَحْنُ نَشْتَرِطُهُ، وَنَشْتَرِطُ مَعَهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَاءِ أَقَارِبِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِنَّ. وَقَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَقَارِبِ. لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُطْلَبُ لِحَسَبِهَا، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ، وَحَسَبُهَا يَخْتَصُّ بِهِ أَقَارِبُهَا، فَيَزْدَادُ الْمَهْرُ لِذَلِكَ وَيَقِلُّ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَيُّ وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ لَهُمْ عَادَةٌ فِي الصَّدَاقِ، وَرَسْمٌ مُقَرَّرٌ، لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، وَلَا يُغَيِّرُونَهُ بِتَغَيُّرِ الصِّفَاتِ، فَيَكُونُ الِاعْتِبَارُ بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الصِّفَاتِ.
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي مِنْ يُعْتَبَرُ مِنْ أَقَارِبِهَا، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا. فَاعْتَبَرَهَا بِنِسَاءِ الْعَصَبَاتِ خَاصَّةً. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ: لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا، مِثْلُ أُمِّهَا أَوْ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ بِنْتِ عَمِّهَا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ نِسَائِهَا.
وَالْأُولَى أَوْلَى؛ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي قِصَّةِ بِرْوَعَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ مَهْرِ نِسَاءِ قَوْمِهَا.» وَلِأَنَّ شَرَفَ الْمَرْأَةِ مُعْتَبَرٌ فِي مَهْرِهَا، وَشَرَفُهَا بِنَسَبِهَا، وَأُمُّهَا وَخَالَتُهَا لَا تُسَاوِيَانِهَا فِي نَسَبِهَا، فَلَا تُسَاوِيَانِهَا فِي شَرَفِهَا، وَقَدْ تَكُونُ أَمُّهَا مَوْلَاةً وَهِيَ شَرِيفَةٌ، وَقَدْ تَكُونُ أُمُّهَا شَرِيفَةً وَهِيَ غَيْرُ شَرِيفَةٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، فَأَقْرَبُ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا إلَيْهَا أَخَوَاتُهَا، ثُمَّ عَمَّاتُهَا ثُمَّ بَنَاتُ عَمِّهَا، الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُنَّ فِي مِثْلِ حَالِهَا؛ فِي دِينِهَا، وَعَقْلِهَا، وَجَمَالِهَا، وَيَسَارِهَا وَبَكَارَتِهَا وَثُيُوبَتِهَا، وَصَرَاحَةِ نَسَبِهَا، وَكُلِّ مَا يَخْتَلِفُ لِأَجْلِهِ الصَّدَاقُ، وَأَنْ يَكُنَّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهَا؛ لِأَنَّ عَادَاتِ الْبِلَادِ تَخْتَلِفُ فِي الْمَهْرِ.
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ مُتْلَفٍ فَاعْتُبِرَتْ الصِّفَاتُ الْمَقْصُودَةُ فِيهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَصَبَاتِهَا مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهَا، فَمِنْ نِسَاءِ أَرْحَامِهَا، كَأُمِّهَا وَجَدَّاتِهَا وَخَالَاتِهَا وَبَنَاتِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَأَهْلُ بَلَدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَنِسَاءُ أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا دُونَهَا، زِيدَ لَهَا بِقَدْرِ فَضِيلَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا خَيْرٌ مِنْهَا، نَقَصَتْ بِقَدْرِ نَقَصَهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست