responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 243
وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " رِوَايَةً ثَالِثَةً: أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِمَا يُصَادِفُ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ. فَيَجِبُ أَنْ تَتَقَدَّرَ بِهِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَضْعُفُ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ نَصَّ الْكِتَابِ يَقْتَضِي تَقْدِيرَهَا بِحَالِ الزَّوْجِ، وَتَقْدِيرُهَا بِنِصْفِ مَهْر الْمِثْلِ يُوجِبُ اعْتِبَارَهَا بِحَالِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ مَهْرَهَا مُعْتَبَرٌ بِهَا لَا بِزَوْجِهَا. الثَّانِي، أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَاهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ لَكَانَتْ نِصْفَ الْمَهْرِ، إذْ لَيْسَ الْمَهْرُ مُعَيَّنًا فِي شَيْءٍ وَلَا الْمُتْعَةُ. وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسِ: أَعْلَى الْمُتْعَةُ الْخَادِمُ، ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ الْكُسْوَةُ. رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ. وَقَدَّرَهَا بِكُسْوَةٍ تَجُوزُ لَهَا الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْكُسْوَةَ الْوَاجِبَةَ بِمُطْلَقِ الشَّرْعِ تَتَقَدَّرُ بِذَلِكَ، كَالْكُسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَالسُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ.
وَرَوَى كَنِيفُ السُّلَمِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمَاضُرَ الْكَلْبِيَّةَ، فَحَمَّمَهَا بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ. يَعْنِي مَتَّعَهَا. قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: الْعَرَبُ تُسَمِّي الْمُتْعَةَ التَّحْمِيمَ. وَهَذَا فِيمَا إذَا تَشَاحَّا فِي قَدْرِهَا، فَإِنْ سَمَحَ لَهَا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْخَادِمِ، أَوْ رَضِيت بِأَقَلِّ مِنْ الْكُسْوَةِ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ بَذْلُهُ، فَجَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، كَالصَّدَاقِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أَنَّهُ مَتَّعَ امْرَأَةً بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَتْ: مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقٍ.

[مَسْأَلَة طَالَبَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا]
(5608) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ طَالَبَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ فَرَضَ لَهَا أَقَلَّ مِنْهُ فَرَضِيتَهُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُفَوِّضَةَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو مِنْ الْمَهْرِ فَوَجَبَتْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِبَيَانِ قَدْرِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. فَإِنْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى فَرْضِهِ، جَازَ مَا فَرَضَاهُ، قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ غَيْرَ عَالَمِينَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ: لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ بِغَيْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا مَعَ عِلْمِهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَفْرِضُهُ بَدَلٌ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْدَلُ مَعْلُومًا. وَلَنَا أَنَّهُ إذَا فَرَضَ لَهَا كَثِيرًا، فَقَدْ بَذَلَ مِنْ مَالِهِ فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ رَضِيت بِالْيَسِيرِ، فَقَدْ رَضِيت بِدُونِ مَا يَجِبُ لَهَا، فَلَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ بَدَلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ الْبَدَلَ غَيْرُ الْمُبْدَلِ، وَالْمَفْرُوضُ إنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ بَعْضُهُ.
وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَزِيَادَةٌ، فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ بَدَلًا، وَلَوْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست