responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 228
نِصْفُ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فِيهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهَا جَمِيعُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَطْءِ مَوْجُودٌ فِيهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَزِمَهُ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ نِكَاحٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَصَّفَ بِهِ الْمَهْرُ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنْ لُحُوقَ النَّسَبِ لَا يَقِفُ عَلَى الْوَطْءِ عِنْدَهُ، وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ. فَأَمَّا إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ، وَنِصْفُ الصَّدَاقِ الثَّانِي. بِغَيْرِ خِلَافٍ.

الْحُكْمِ الثَّالِثِ، أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا زَادَ بَعْدَ الْعَقْدِ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ، كَعَبْدٍ يَكْبَرُ أَوْ يَتَعَلَّمُ صِنَاعَةً أَوْ يَسْمَنُ، أَوْ مُتَمَيِّزَةً، كَالْوَلَدِ وَالْكَسْبِ وَالثَّمَرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً أَخَذَتْ الزِّيَادَةَ، وَرَجَعَ بِنِصْفِ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ، فَالْخِيرَةُ إلَيْهَا، إنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ إلَيْهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا دَفْعُ الْأَصْلِ بِدُونِهَا، فَصِرْنَا إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ إلَيْهِ نِصْفًا زَائِدًا، فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهَا دَفَعَتْ إلَيْهِ حَقَّهُ وَزِيَادَةً لَا تَضُرُّ وَلَا تَتَمَيَّزُ، فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهَا، لَمْ يَكُنْ لَهَا الرُّجُوعُ إلَّا فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا التَّبَرُّعُ بِشَيْءٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا.
وَإِنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهَا، وَلَا يَخْلُو أَيْضًا مِنْ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مُتَمَيِّزًا أَوْ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ، فَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا، كَعَبْدَيْنِ تَلِفَ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْبَاقِي وَنِصْفِ قِيمَةِ التَّالِفِ، أَوْ مِثْلِ نِصْفِ التَّالِفِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَات الْأَمْثَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَيِّزًا، كَعَبْدٍ كَانَ شَابًّا فَصَارَ شَيْخًا، فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ نَسِيَ مَا كَانَ يُحْسِنُ مِنْ صِنَاعَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ هَزْلٍ، فَالْخِيَارُ إلَى الزَّوْجِ، إنْ شَاءَ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَقْتَ مَا أَصْدَقَهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ النَّقْصِ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِنِصْفِهِ نَاقِصًا، فَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ نَاقِصًا، وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَأْخُذَ أَرْشَ النَّقْصِ مَعَ هَذَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ هَذَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، كَالْمَبِيعِ يُمْسِكُهُ وَيُطَالِبُ بِالْأَرْشِ.
وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمُتَمَيِّزَةِ تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ، فَأَشْبَهَتْ زِيَادَةَ السُّوقِ. وَلَنَا أَنَّهَا زِيَادَةٌ حَدَثَتْ فِي مِلْكِهَا، فَلَمْ تُنَصَّفْ بِالطَّلَاقِ، كَالْمُتَمَيِّزَةِ، وَأَمَّا زِيَادَةُ السُّوقِ فَلَيْسَتْ مِلْكَهُ، وَفَارَقَ نَمَاءَ الْمَبِيعِ، لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ الْعَيْبُ، وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى الزِّيَادَةِ، وَسَبَبُ تَنْصِيفِ الْمَهْرِ الطَّلَاقُ، وَهُوَ حَادِثٌ بَعْدَهَا، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي نِصْفِ الْمَفْرُوضِ دُونَ الْعَيْنِ، وَلِهَذَا لَوْ وَجَدَهَا نَاقِصَةً، كَانَ لَهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست