responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 22
رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ إذَا بَلَغَ عَشْرًا زَوَّجَ، وَتَزَوَّجَ، وَطَلَّقَ، وَأُجِيزَتْ وَكَالَتُهُ فِي الطَّلَاقِ. وَهَذَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ؛ لِتَخْصِيصِهِ الْمَسْلُوبَ الْوِلَايَةُ بِكَوْنِهِ طِفْلًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَطَلَاقُهُ، فَثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ كَالْبَالِغِ. وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ يُعْتَبَرُ لَهَا كَمَالُ الْحَالِ، لِأَنَّهَا تَنْفِيذُ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ اُعْتُبِرَتْ نَظَرًا لَهُ، وَالصَّبِيُّ مَوْلًى عَلَيْهِ لِقُصُورِهِ، فَلَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ، كَالْمَرْأَةِ.
الشَّرْطُ السَّادِسُ، الْعَدَالَةُ. فِي كَوْنِهَا شَرْطًا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، هِيَ شَرْطٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ الْقَاضِي مِثْلَ ابْنِ الْحَلَبِيِّ وَابْنِ الْجَعْدِيِّ اسْتَقْبَلَ النِّكَاحَ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَفْسَدَ النِّكَاحَ لِانْتِفَاءِ عَدَالَةِ الْمُتَوَلِّي لَهُ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا نِكَاحَ إلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَوَلِيٍّ مُرْشِدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رُوِيَ - يَعْنِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ. وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَهَا وَلِيٌّ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ»
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» . وَلِأَنَّهَا وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ، فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهَا الْفَاسِقُ، كَوِلَايَةِ الْمَالِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، لَيْسَتْ بِشَرْطٍ. نَقَلَ مُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَحْمَدَ: إذَا تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ فَاسِقٍ، وَشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ؟ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الطِّفْلَ وَالْعَبْدَ وَالْكَافِرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَاسِقَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَلِي نِكَاحَ نَفْسِهِ، فَتَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى غَيْرِهِ، كَالْعَدْلِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ الْقَرَابَةُ، وَشَرْطَهَا النَّظَرُ، وَهَذَا قَرِيبٌ نَاظِرٌ، فَيَلِي كَالْعَدْلِ
(5171) فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا؛ لِأَنَّ شُعَيْبًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهُوَ أَعْمَى، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي النِّكَاحِ يُعْرَفُ بِالسَّمَاعِ وَالِاسْتِفَاضَةِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النَّظَرِ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَاطِقًا، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَلِيَ الْأَخْرَسُ إذَا كَانَ مَفْهُومَ الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ تَقُومُ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْأَحْكَامِ، فَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ.

[فَصْلٌ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْوِلَايَة فِي النِّكَاح لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ]
(5172) فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْوِلَايَةُ، لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ؛ لِأَنَّ وَكِيلَهُ نَائِبٌ عَنْهُ وَقَائِمٌ مَقَامَهُ. وَإِنْ وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ مُنَاسَبَتِهِ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ، فَلَأَنْ لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَ مُنَاسَبَةِ غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيلِ أَوْلَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست