responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 214
[فَصْلٌ جَعَلَ صَدَاقهَا تَعْلِيم الْقُرْآنِ]
(5557) فَصْلٌ: فَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي جَعْلِهِ صَدَاقًا.
فَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: أَكْرَهُهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ عَلَى نَعْلَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ يَعْنِي رِوَايَتَيْنِ.
قَالَ وَاخْتِيَارِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَإِسْحَاقَ وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَهُ بِمَا رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي وَهَبْت نَفْسِي لَك فَقَامَتْ طَوِيلًا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ فَقَالَ هَلْ عِنْدَك مِنْ شَيْءٍ تَصَدَّقَهَا؟ فَقَالَ مَا عِنْدِي إلَّا إزَارِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إزَارُك إنْ أَعْطَيْتهَا جَلَسْت وَلَا إزَارَ لَك فَالْتَمِسْ شَيْئًا قَالَ لَا أَجِدُ. قَالَ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُعَيَّنَةٌ مُبَاحَةٌ، فَجَازَ جَعْلُهَا صَدَاقًا كَتَعْلِيمِ قَصِيدَةٍ مِنْ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ.
وَوَجْهُ الرَّاوِيَةِ الْأُخْرَى أَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] وَالطَّوْلُ الْمَالُ. وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ رَجُلًا عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ لَا تَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَك مَهْرًا» رَوَاهُ النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ. وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ إلَّا قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَتَعْلِيمِ الْإِيمَانِ. وَلِأَنَّ التَّعْلِيمَ مِنْ الْمُعَلِّمِ، وَالْمُتَعَلِّمُ مُخْتَلَفٌ، وَلَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ فَأَشْبَهَ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ.
فَأَمَّا حَدِيثُ الْمَوْهُوبَةِ فَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ أَيْ زَوَّجْتُكَهَا لِأَنَّك مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ فَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ أَتَى أُمَّ سُلَيْمٍ يَخْطُبُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَقَالَتْ: أَتَزَوَّجُ بِك وَأَنْتَ تَعْبُدُ خَشَبَةً نَحَتَهَا عَبْدُ بَنَى فُلَانٍ؟ إنْ أَسْلَمْت تَزَوَّجْت بِك. قَالَ فَأَسْلَمَ أَبُو طَلْحَةَ، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى إسْلَامِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذِكْرُ التَّعْلِيمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا لِذَلِكَ الرَّجُلِ؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ النَّجَّادُ وَلَا تَفْرِيعَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَأَمَّا عَلَى الْأُخْرَى فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُعَلِّمُهَا إيَّاهُ؛ إمَّا سُورَةً مُعَيَّنَةً أَوْ سُوَرًا أَوْ آيَاتٍ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ السُّوَرَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست