responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 198
قَوْلَانِ، كَهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. وَبَنَوْا عَدَمَ الْوُقُوعِ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ اسْتَنَدَ إلَى حَالَةِ الْعِتْقِ، فَيَكُونُ الطَّلَاقُ وَاقِعًا فِي نِكَاحٍ مَفْسُوخٍ
وَلَنَا، أَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ، فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَوَقَعَ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا، أَوْ كَمَا لَوْ لَمْ تَخْتَرْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَسْخَ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ مِنْ حِينِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفُرْقَةِ عَلَيْهِ، إذْ الْحُكْمُ لَا يَتَقَدَّمُ سَبَبُهُ، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تُبْتَدَأُ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ، لَا مِنْ حِينِ الْعِتْقِ، وَمَا سَبَقَهُ مِنْ الْوَطْءِ وَطْءٌ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، يُثْبِتُ الْإِحْصَانَ وَالْإِحْلَالَ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْفَسْخُ سَابِقًا عَلَيْهِ لَانْعَكَسَتْ الْحَالُ
وَقَوْلُ الْقَاضِي: إنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّهَا مِنْ الْفَسْخِ. غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الْفَسْخِ، مَعَ زِيَادَةِ وُجُوبِ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَتَقْصِيرِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ حِينِ طَلَاقِهِ، لَا مِنْ حِينِ فَسْخِهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ مُبْطِلًا لَحَقِّهَا، لَمْ يَقَعْ وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ الْفَسْخَ، كَمَا لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، سَوَاءٌ فَسَخَ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يَفْسَخْ
وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، فَعَلَى قَوْلِهِمْ: إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ، سَقَطَ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ. وَهَكَذَا لَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ أَسْلَمْت الْكَافِرَةُ.

[فَصْلٌ لِلْمُعْتَقَةِ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ]
فَصْلٌ: وَلِلْمُعْتَقَةِ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، غَيْرُ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى حَاكِمٍ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَافْتَقَرَ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، كَالْفَسْخِ لِلْإِعْسَارِ.

[فَصْلٌ إذَا اخْتَارَتْ الْمُعْتَقَةُ الْفِرَاقَ كَانَ فَسْخًا لَيْسَ بِطَلَاقِ]
(5529) فَصْلٌ: وَإِذَا اخْتَارَتْ الْمُعْتَقَةُ الْفِرَاقَ، كَانَ فَسْخًا لَيْسَ بِطَلَاقٍ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، إلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ. قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا، فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا. وَاحْتَجَّ لَهُ بِقِصَّةِ زَبْرَاءَ حِينَ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْفِرَاقَ، فَمَلَكْت الطَّلَاقَ كَالرَّجُلِ
وَلَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» . وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ، فَكَانَتْ فَسْخًا، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا، أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا بِرَضَاعِهِ، وَفِعْلُ زَبْرَاءَ لَيْسَ بِحُجَّةِ، وَلَمْ يَثْبُت انْتِشَارُهُ فِي الصَّحَابَةِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي، أَوْ فَسَخْت النِّكَاحَ. انْفَسَخَ. وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي. وَنَوَتْ الْمُفَارَقَةَ، كَانَ كِنَايَةً عَنْ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، فَصَارَ كِنَايَةً عَنْهُ، كَالْكِنَايَةِ بِالْفَسْخِ عَنْ الطَّلَاقِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست