responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 146
(5415) فَصْلٌ: وَخِطْبَةُ الرَّجُلِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي مَوْضِعِ النَّهْيِ مُحَرَّمَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَحِلُّ لَأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: هِيَ مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ، وَهَذَا نَهْيُ تَأْدِيبٍ لَا تَحْرِيمٍ.
وَلَنَا، ظَاهِرُ النَّهْيِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ التَّحْرِيمُ، وَلِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْإِضْرَارِ بِالْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ، فَكَانَ عَلَى التَّحْرِيمِ، كَالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ مَالِهِ وَسَفْكِ دَمِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَقَالَ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَدَاوُد، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ: هُوَ بَاطِلٌ. وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ نِكَاحٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكَانَ بَاطِلًا كَنِكَاحِ الشِّغَارِ. وَلَنَا، أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَمْ يُقَارِنْ الْعَقْدَ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ.

[فَصَلِّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِجَابَةِ إلَى الْخِطْبَة]
(5416) فَصْلٌ: وَلَا يُكْرَه لِلْوَلِيِّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِجَابَةِ، إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، وَهُوَ نَائِبٌ عَنْهَا فِي النَّظَرِ لَهَا، فَلَمْ يُكْرَهْ لَهُ الرُّجُوعُ الَّذِي رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، كَمَا لَوْ سَاوَمَ فِي بَيْعِ دَارِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي تَرْكِهَا. وَلَا يُكْرَه لَهَا أَيْضًا الرُّجُوعُ إذَا كَرِهَتْ الْخَاطِبَ؛؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عُمَرَ يَدُومُ الضَّرَرُ فِيهِ، فَكَانَ لَهَا الِاحْتِيَاطُ لِنَفْسِهَا، وَالنَّظَرُ فِي حَظِّهَا. وَإِنْ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ غَرَضٍ، كُرِهَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ، وَالرُّجُوعِ عَنْ الْقَوْلِ، وَلَمْ يُحَرَّمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا، كَمَنْ سَاوَمَ بِسِلْعَتِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهَا.

[فَصْلٌ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ ذِمِّيًّا لَمْ تُحَرَّمْ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ]
(5417) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ ذِمِّيًّا، لَمْ تُحَرَّمْ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَتِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يُسَاوِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، إنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ، أَوْ اسْتَامَ عَلَى سَوْمِهِمْ، لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، لَا لِتَخْصِيصِ الْمُسْلِمِ بِهِ. وَلَنَا، أَنَّ لَفْظَ النَّهْيِ خَاصٌّ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَإِلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مِثْلَهُ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ. وَلَا حُرْمَتُهُ كَحُرْمَتِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُمْ فِي دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ وَنَحْوِهَا.
وَقَوْلَهُ: خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. قُلْنَا: مَتَى كَانَ فِي الْمَخْصُوصِ بِالذِّكْرِ مَعْنًى يَصْحُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْحُكْمِ، لَمْ يَجُزْ حَذْفُهُ وَلَا تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ بِدُونِهِ، وَلِلْأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ تَأْثِيرٌ فِي وُجُوبِ الِاحْتِرَامِ، وَزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ فِي رِعَايَةِ حُقُوقِهِ، وَحِفْظِ قَلْبِهِ، وَاسْتِبْقَاءِ مَوَدَّتِهِ، فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست