responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 131
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] . وَلِأَنَّ تِلْكَ الْكُتُبَ كَانَتْ مَوَاعِظَ وَأَمْثَالًا، لَا أَحْكَامَ فِيهَا، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَحْكَامِ.

[فَصْلٌ لَيْسَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ وَلَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ]
(5388) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ، وَلَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ، وَلَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، إلَّا أَبَا ثَوْرٍ، فَإِنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . وَلِأَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ حُذَيْفَةَ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً. وَلِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، فَأَشْبَهُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] .
وَقَوْله {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] . فَرَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَمَنْ عَدَاهُمْ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ لِلْمَجُوسِ كِتَابًا. وَسُئِلَ أَحْمَدُ، أَيَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ لِلْمَجُوسِ كِتَابًا؟ فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ وَاسْتَعْظَمَهُ جِدًّا. وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ. وَقَوْله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» .
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَإِقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ لَا غَيْرُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا كَانَتْ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ، غُلِّبَ ذَلِكَ فِي تَحْرِيمِ دِمَائِهِمْ، فَيَجِبُ أَنْ يُغَلَّبَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ لِنِسَائِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ، فَإِنَّنَا إذَا غَلَّبْنَا الشُّبْهَةَ فِي التَّحْرِيمِ فَتَغْلِيبُ الدَّلِيلِ الَّذِي عَارَضَتْهُ الشُّبْهَةُ فِي التَّحْرِيمِ أَوْلَى، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ حُذَيْفَةَ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً، وَضَعَّفَ أَحْمَدُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً. وَقَالَ: أَبُو وَائِلٍ يَقُول: تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً. وَهُوَ أَوْثَقُ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً. وَقَالَ: ابْنُ سِيرِينَ: كَانَتْ امْرَأَةُ حُذَيْفَةَ نَصْرَانِيَّةً.
وَمَعَ تَعَارُضِ الرِّوَايَاتِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ إحْدَاهُنَّ إلَّا بِتَرْجِيحٍ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ حُذَيْفَةَ، فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ مَعَ مُخَالِفَتِهِ الْكِتَابَ وَقَوْلَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا إقْرَارُهُمْ بِالْجِزْيَةِ، فَلِأَنَّنَا غَلَّبْنَا حُكْمَ التَّحْرِيمِ لِدِمَائِهِمْ، فَيَجِبُ أَنْ يُغَلَّبَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ فِي ذَبَائِحِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.

[فَصْلٌ النِّكَاح مِنْ الْكُفَّارِ غَيْر أَهْلِ الْكِتَابِ]
(5389) فَصْلٌ: وَسَائِر الْكُفَّارِ غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَنْ عَبَدَ مَا اسْتَحْسَنَ مِنْ الْأَصْنَامِ وَالْأَحْجَارِ وَالشَّجَرِ وَالْحَيَوَانِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيمِ نِسَائِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ؛ وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآيَتَيْنِ، وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ لَهُمَا. وَالْمُرْتَدَّةُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فِي إقْرَارِهَا عَلَيْهِ، فَفِي حِلِّهَا أَوْلَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست