responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 127
كَحُكْمِهِ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ ثَابِتٌ بِقَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] . وَمُخَالَفَةُ ذَلِكَ إنَّمَا ثَبَتَتْ بِقَوْلِهِ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] . وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ فِي الْعَقْدِ أَوْ الْوَطْءِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا.

[فَصْلٌ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَ أُخْتِهَا]
(5379) فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ، ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَ أُخْتِهَا، فَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: لَا يَجْمَعُ بَيْن الْأُخْتَيْنِ الْأَمَتَيْنِ. فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ. وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَرِدَ عَلَى فِرَاشِ الْأُخْتِ، كَالْوَطْءِ، وَلِأَنَّهُ فَعَلَ فِي الْأُخْتِ مَا يُنَافِي إبَاحَةَ أُخْتِهَا الْمُفْتَرَشَةِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَالْوَطْءِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، وَلَا تُبَاحُ الْمَنْكُوحَةُ حَتَّى تُحَرَّمَ أُخْتُهَا. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ الْوَطْءُ، فَجَازَ أَنْ يَرِدَ عَلَى وَطْءِ الْأُخْتِ، وَلَا يُبِيحُ كَالشِّرَاءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَتَحِلُّ لَهُ الْمَنْكُوحَةُ، وَتُحَرَّمُ أُخْتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَقْوَى مِنْ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَإِذَا اجْتَمَعَا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَقْوَى. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ وَطْءَ مَمْلُوكَتِهِ مَعْنًى يُحَرِّمُ أُخْتَهَا لِعِلَّةِ الْجَمْعِ، فَمَنَعَ صِحَّةَ نِكَاحِهَا كَالزَّوْجِيَّةِ، وَيُفَارِقُ الشِّرَاءَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْوَطْءُ، وَلِهَذَا صَحَّ شِرَاءُ الْأُخْتَيْنِ، وَمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ.
وَقَوْلُهُمْ: النِّكَاحُ أَقْوَى مِنْ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. مَمْنُوعٌ. وَإِنْ سُلِّمَ، فَالْوَطْءُ أَسْبَقُ، فَيُقَدَّمُ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِمَّا يُنَافِيه، كَالْعِدَّةِ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ نِكَاحِ الْأُخْتِ، وَكَذَلِكَ وَطْءُ الْأَمَةِ يُحَرِّمُ نِكَاحَ ابْنَتِهَا وَأُمِّهَا، وَلِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا، لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْتَبْرِئْ الْمَوْطُوءَةَ.

[فَصْلٌ إنْ زَوَّجَ الْأَمَةَ الْمَوْطُوءَةَ أَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا]
(5380) فَصْلٌ: فَإِنْ زَوَّجَ الْأَمَةَ الْمَوْطُوءَةَ، أَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا. وَإِنْ عَادَتْ الْأَمَةُ إلَى مِلْكِهِ، فَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا، وَحِلُّهَا بَاقٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، وَهُوَ أَقْوَى، وَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ أَمَتَهُ الَّتِي كَانَتْ فِرَاشًا قَدْ عَادَتْ إلَيْهِ، وَالْمَنْكُوحَةُ مُسْتَفْرَشَةٌ، فَأَشْبَهَ أَمَتَيْهِ الَّتِي وَطِئَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ تَزْوِيجِ الْأُخْرَى، ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجُ أُخْتَهَا. وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ كَالْوَطْءِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا.
فَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْأَمَةَ، ثُمَّ تَحِلُّ لَهُ زَوْجَتُهُ دُونَ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَقْوَى وَأَسْبَقُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِئَلَّا يَكُونَ جَامِعًا لِمَائِهِ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحَرَّمَا عَلَيْهِ جَمِيعًا، حَتَّى تُحَرَّمَ إحْدَاهُمَا، كَالْأَمَتَيْنِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست