responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 125
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ، وَسَأَلَهُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْمَمْلُوكَتَيْنِ، أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا أَقُولُ حَرَامٌ وَلَكِنْ نَنْهَى عَنْهُ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ. وَقَالَ دَاوُد، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: لَا يُحَرَّمُ. اسْتِدْلَالًا بِالْآيَةِ الْمُحَلِّلَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَرَائِرِ فِي الْوَطْءِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْإِمَاءِ، وَلِهَذَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي الْحَرَائِرِ، وَتُبَاحُ فِي الْإِمَاءِ بِغَيْرِ حَصْرٍ، وَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُهُ؛ لِلْآيَةِ الْمُحَرِّمَةِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ بِهَا الْوَطْءَ وَالْعَقْدَ جَمِيعًا، بِدَلِيلِ أَنَّ سَائِرَ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ يُحَرَّمُ وَطْؤُهُنَّ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِنَّ، وَآيَةُ الْحِلِّ مَخْصُوصَةٌ بِالْمُحَرَّمَاتِ جَمِيعِهِنَّ، وَهَذِهِ مِنْهُنَّ، وَلِأَنَّهَا امْرَأَةٌ صَارَتْ فِرَاشًا، فَحُرِّمَتْ أُخْتُهَا كَالزَّوْجَةِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ كَانَ فِي مِلْكِهِ أُخْتَانِ]
(5373) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ أُخْتَانِ، فَلَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ: لَا يَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيِّ. وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَيْسَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاشِ، فَلَمْ يُحَرَّمْ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ.

[الْفَصْل الرَّابِع كَانَ فِي مِلْكِهِ أُخْتَانِ وَطِئَ إحْدَاهُمَا]
(5374) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ إذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا، فَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمَوْطُوءَةِ عَلَى نَفْسِهِ، بِإِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ تَزْوِيجٍ. هَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَالشَّافِعِيِّ. فَإِنْ رَهَنَهَا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُخْتُهَا؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ وَطْئِهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِتَحْرِيمِهَا، وَلِهَذَا يَحِلُّ لَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي وَطْئِهَا، وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى فَكِّهَا مَتَى شَاءَ وَاسْتِرْجَاعِهَا إلَيْهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إنْ اسْتَبْرَأَهَا، حَلَّتْ لَهُ أُخْتُهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ فِرَاشُهُ، وَلِهَذَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ، فَنَفَاهُ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ انْتَفَى، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَوَّجَهَا. وَلَنَا، قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا، وَلَا حِلُّهَا لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاسْتَبْرَأَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ وَطْأَهَا، فَلَا يَأْمَنُ عَوْدَهُ إلَيْهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ حَرَّمَ إحْدَاهُمَا عَلَى نَفْسِهِ، لَمْ تُبَحْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُحَرِّمُهَا، إنَّمَا هُوَ يَمِينٌ يُكَفَّرُ، وَلَوْ كَانَ يُحَرِّمُهَا إلَّا أَنَّهُ لِعَارِضٍ، مَتَى شَاءَ أَزَالَهُ بِالْكَفَّارَةِ، فَهُوَ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ.
وَإِنْ كَاتَبَ إحْدَاهُمَا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأُخْرَى. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: تَحِلُّ لَهُ الْأُخْرَى. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: تَحِلُّ لَهُ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ، فَأَشْبَهَ التَّزْوِيجَ. وَلَنَا، أَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ اسْتِبَاحَتِهَا بِمَا لَا يَقِفُ عَلَى غَيْرِهِمَا، فَلَمْ تُبَحْ لَهُ أُخْتُهَا، كَالْمَرْهُونَةِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست