responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 103
قَالَ: فَنَسَخَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور: 60] الْآيَةَ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الشَّوْهَاءُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى.

[فَصْلٌ الْأَمَةُ يُبَاحُ النَّظَرُ مِنْهَا إلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا]
(5338) فَصْلٌ: وَالْأَمَةُ يُبَاحُ النَّظَرُ مِنْهَا إلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، كَالْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالسَّاقَيْنِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى أَمَةً مُتَلَثِّمَةً فَضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: يَا لَكَاعِ، تَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ. وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يَدَعُ أَمَةً تَقَنَّعُ فِي خِلَافَتِهِ، وَقَالَ: إنَّمَا الْقِنَاعُ لِلْحَرَائِرِ. وَلَوْ كَانَ نَظَرُ ذَلِكَ مِنْهَا مُحَرَّمًا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ سَتْرِهِ، بَلْ أَمَرَ بِهِ وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَخَذَ صَفِيَّةَ قَالَ النَّاسُ: لَا نَدْرِي، أَجَعَلَهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَمْ أُمَّ وَلَدٍ؟ فَقَالُوا: إنْ حَجَبَهَا فَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ. فَلَمَّا رَكِبَ، وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَدَمَ حَجْبِ الْإِمَاءِ كَانَ مُسْتَفِيضًا بَيْنَهُمْ مَشْهُورًا، وَأَنَّ الْحَجْبَ لِغَيْرِهِنَّ كَانَ مَعْلُومًا. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يُبَاحُ النَّظَرُ مِنْهَا إلَى مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهُوَ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ وَسَوَّى بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ الْخَوْفُ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْفِتْنَةُ الْمَخُوفَةُ تَسْتَوِي فِيهَا الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ حُكْمٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَمْرِ الطَّبِيعِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَيُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا فِيمَا ذَكَرُوهُ افْتَرَقَا فِي الْحُرْمَةِ، وَفِي مَشَقَّةِ السَّتْرِ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ جَمِيلَةً يُخَافُ الْفِتْنَةُ بِهَا، حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهَا، كَمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْغُلَامِ الَّذِي تُخْشَى الْفِتْنَةُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ جَمِيلَةً: تَنْتَقِبُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ، كَمْ مِنْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ.

[فَصْلٌ الطِّفْلَةُ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلنِّكَاحِ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا]
(5339) فَصْلٌ: فَأَمَّا الطِّفْلَةُ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلنِّكَاحِ، فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فِي رَجُلٍ يَأْخُذُ الصَّغِيرَةَ فَيَضَعُهَا فِي حِجْرِهِ، وَيُقَبِّلُهَا: فَإِنْ كَانَ يَجِدُ شَهْوَةً فَلَا، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فَلَا بَأْسَ. وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْمَدِينِيِّ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ أَرْسَلَ بِابْنَةٍ لَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَعَ مَوْلَاةٍ لَهُ، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: ابْنَةُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. فَتَحَرَّكَتْ الْأَجْرَاسُ مِنْ رِجْلِهَا فَأَخَذَهَا عُمَرُ فَقَطَعَهَا، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَعَ كُلِّ جَرَسٍ شَيْطَانٌ» فَأَمَّا إذَا بَلَغَتْ حَدًّا تَصْلُحُ لِلنِّكَاحِ.
كَابْنَةِ تِسْعٍ، فَإِنَّ عَوْرَتَهَا مُخَالِفَةٌ لِعَوْرَةِ الْبَالِغَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، كَقَوْلِنَا فِي الْغُلَامِ الْمُرَاهِقِ مَعَ النِّسَاءِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَتْ عَلَيَّ ابْنَةُ أَخِي

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست