responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 67
وَإِنْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً، أَخَذَهَا صَاحِبُهَا، وَلَمْ يَرْجِعْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِبَدَلِهَا. فَإِنْ شَرَطَ فِي الْهِبَةِ ثَوَابًا مَعْلُومًا، صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضِ مَعْلُومٍ، فَهُوَ كَالْبَيْعِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ، فِي ضَمَانِ الدَّرْكِ، وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ
وَبِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْهِبَةِ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا. وَلَنَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ، فَصَحَّ مَا لَوْ قَالَ: مَلَّكْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ. فَإِنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ التَّمْلِيكَ كَانَ هِبَةً، وَإِذَا ذَكَرَ الْعِوَضَ صَارَ بَيْعًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَقْتَضِي أَنْ يُغَلَّبَ فِي هَذَا حُكْمُ الْهِبَةِ، فَلَا تَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ
فَأَمَّا إنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَجْهُولًا، لَمْ يَصِحَّ، وَفَسَدَتْ الْهِبَةُ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، يَرُدُّهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِ الْوَاهِبِ. وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً، رَدَّ قِيمَتَهَا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَنَّهَا تَصِحُّ، فَإِذَا أَعْطَاهُ عَنْهَا عِوَضًا رَضِيَهُ، لَزِمَ الْعَقْدُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: إذَا قَالَ الْوَاهِبُ: هَذَا لَك عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي. فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إذَا لَمْ يُثِبْهُ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ: إذَا وَهَبَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِثَابَةِ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُثِيبَهُ عَنْهَا، فَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ حَتَّى يُرْضِيَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَدْرَ قِيمَتِهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ التَّرَاضِي، إلَّا أَنَّهُ بَيْعٌ بِالْمُعَاطَاةِ، فَإِذَا عَوَّضَهُ عِوَضًا رَضِيَهُ، حَصَلَ الْبَيْعُ بِمَا حَصَلَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ مَعَ التَّرَاضِي بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّرَاضِي، لَمْ تَصِحَّ؛ لِعَدَمِ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَلَا الْمُعَاطَاةُ مَعَ التَّرَاضِي
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ وَهَبَ هِبَةً أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ، يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا. وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَرَى أَنَّ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ تَقْتَضِي ثَوَابًا. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، «أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَةً، فَأَعْطَاهُ ثَلَاثًا فَأَبَى، فَزَادَهُ ثَلَاثًا، فَأَبَى، فَزَادَهُ ثَلَاثًا، فَلَمَّا كَمُلَتْ تِسْعًا، قَالَ: رَضِيت: فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ لَا أَتَّهِبَ إلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ» . مِنْ " الْمُسْنَدِ "
قَالَ أَحْمَدُ: إذَا تَغَيَّرَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، وَلَمْ يُثِبْهُ مِنْهَا، فَلَا أَرَى عَلَيْهِ نُقْصَانَ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ إذَا رَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَوْبًا لَبِسَهُ، أَوْ غُلَامًا اسْتَعْمَلَهُ، أَوْ جَارِيَةً اسْتَخْدَمَهَا، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ إذَا نَقَصَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَكَانَ عِنْدِي مِثْلَ الرَّهْنِ، الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ لِصَاحِبِهِ.

[مَسْأَلَة قَالَ دَارِي لَك عُمُرِي أَوْ هِيَ لَك عُمُرَك]
(4485) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ: دَارِي لَك عُمُرِي. أَوْ هِيَ لَك عُمُرَك. فَهِيَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ)

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست