responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 482
مَالِهِ أَلْفٌ، فَأَدَّاهَا عَنْ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، يَجُوزُ هَذَا مِنْ زَكَاتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ دَفَعَ الزَّكَاةَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ. وَالثَّانِيَةُ، لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الْغَرِيمِ. قَالَ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ، حَتَّى يَقْضِيَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ
قِيلَ: هُوَ مُحْتَاجٌ يَخَافُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ، فَيَأْكُلَهُ، وَلَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ. قَالَ: فَقُلْ لَهُ يُوَكِّلُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلَى الْغَرِيمِ إلَّا بِوَكَالَةِ الْغَارِمِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْغَارِمِ، فَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ إلَّا بِتَوْكِيلِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَيَكُونُ قَضَاؤُهُ عَنْهُ جَائِزًا. وَإِنْ كَانَ دَافِعُ الزَّكَاةِ الْإِمَامَ، جَازَ أَنْ يَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهِ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةً عَلَيْهِ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلِهَذَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ. وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا، فَإِنْ كَانَ يَدَّعِيهِ مِنْ جِهَةِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَالْأَمْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ لَا يَكَادُ يَخْفَى، فَإِنْ خَفِيَ ذَلِكَ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ غَرِمَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ.
لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغُرْمِ، وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. فَإِنْ صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، كَالْمُكَاتَبِ إذَا صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ.

[مَسْأَلَةٌ سَهْمٌ مِنْ الزَّكَاة فِي سَبِيلِ اللَّهِ]
(5119) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَسَهْمٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُمْ الْغُزَاةُ يُعْطَوْنَ مَا يَشْتَرُونَ بِهِ الدَّوَابَّ وَالسِّلَاحَ، وَمَا يُنْفِقُونَ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ) . هَذَا الصِّنْفُ السَّابِعُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ. وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ، وَبَقَاءِ حُكْمِهِمْ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُمْ الْغُزَاةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْغَزْوُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 190] . وَقَالَ: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المائدة: 54] . وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] . وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ.
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: لَا تُدْفَعُ إلَّا إلَى فَقِيرٍ. وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْغَارِمِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ لِأَنَّ مِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لَا تَحِلُّ لَهُ، كَسَائِرِ أَصْحَابِ السَّهْمَانِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاذٍ: «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» . فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا كُلَّهَا تُرَدُّ فِي الْفُقَرَاءِ، وَالْفَقِيرُ عِنْدَهُمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ؛ لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِغَارِمٍ» . وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُمْ.
وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفَيْنِ، وَعَدَّ بَعْدَهُمَا سِتَّةَ أَصْنَافٍ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست