responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 471
قَالُوا: الَّذِي لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ. قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الرَّقُوبَ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا» . وَقَالَ: «مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ . قَالُوا: الَّذِي لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الْمُفْلِسَ الَّذِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، وَيَأْتِي وَقَدْ ظَلَمَ هَذَا، وَلَطَمَ هَذَا، وَأَخَذَ مِنْ عِرْضِ هَذَا، فَيَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاته، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، حَتَّى إذَا نَفِدَتْ حَسَنَاتُهُ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَصُكُّ لَهُ صَكٌّ إلَى النَّارِ» .

[فَصْلٌ مِنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الزَّكَاةِ]
(5098) فَصْلٌ: وَمَنْ كَانَ ذَا مَكْسَبٍ يُغْنِي بِهِ نَفْسَهُ وَعِيَالَهُ إنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ، وَكَانَ لَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، مِنْ أَجَّرَ عَقَارٍ، أَوْ غَلَّةِ مَمْلُوكٍ أَوْ سَائِمَةٍ، فَهُوَ غَنِيٌّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الزَّكَاةِ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ.» فَجَعَلَ الْغَنِيَّ مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ، وَلَا تُؤْخَذُ إلَّا مِنْ النِّصَابِ.
وَلِأَنَّ هَذَا لَا يَمْلِكُ نِصَابًا، وَلَا قِيمَتَهُ، فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ، كَاَلَّذِي لَا كِفَايَةَ لَهُ. وَلَنَا، مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، «أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلَاهُ شَيْئًا مِنْهَا، فَصَعَّدَ بَصَرَهُ فِيهِمَا، وَقَالَ لَهُمَا: إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا مِنْهَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَقَالَ: هَذَا أَجْوَدُهُمَا إسْنَادًا، مَا أَجْوَدَهُ مِنْ حَدِيثٍ، مَا أَعْلَمُ رُوِيَ فِي هَذَا أَجْوَدُ مِنْ هَذَا. قِيلَ لَهُ: فَالْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» ؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ شَيْئًا يَصِحُّ. قِيلَ لَهُ: يَرْوِيهِ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: سَالِمٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَالْغِنَى يَخْتَلِفُ؛ فَمِنْهُ غِنًى يُوجِبُ الزَّكَاةَ، وَغِنًى يَمْنَعُ أَخْذَهَا، وَغِنًى يَمْنَعُ الْمَسْأَلَةَ، وَيُخَالِفُ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ هَذَا، فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا، وَالصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ، فَلَا تُبَاحُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَهَذَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهَا، فَلَا تُبَاحُ لَهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 471
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست