responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 464
ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ اسْتَوْعَبَتْ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَلَئِنْ عِشْت لَيَأْتِيَنَّ الرَّاعِيَ بِسَرْوِ حِمْيَرَ نَصِيبُهُ مِنْهَا، لَمْ يَعْرَقْ فِيهَا جَبِينُهُ.
وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَخْمُوسٌ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بِهِ مَنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، كَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَهْلَ الْفَيْءِ هُمْ أَهْلُ الْجِهَادِ مِنْ الْمُرَابِطِينَ فِي الثُّغُورِ، وَجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ، لِحُصُولِ النُّصْرَةِ وَالْمَصْلَحَةِ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ صَارَتْ لِلْجُنْدِ، وَمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَصَارَ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا الْأَعْرَابُ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَا يُعِدُّ نَفْسَهُ لِلْجِهَادِ، فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ.
وَاَلَّذِينَ يَغْزُونَ إذَا نَشِطُوا، يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ الصَّدَقَةِ. قَالَ: وَمَعْنَى كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، يَعْنِي الْغَنِيَّ الَّذِي فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ وَالْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِهِ، أَنَّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ الْمَالِ؛ لِكَوْنِهِ يُصْرَفُ إلَى مَنْ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ يَنْتَفِعُونَ بِالْعُبُورِ عَلَى الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ الْمَعْقُودَةِ بِذَلِكَ الْمَالِ، وَبِالْأَنْهَارِ وَالطُّرُقَاتِ الَّتِي أُصْلِحَتْ بِهِ. وَسِيَاقُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْجُنْدِ وَإِنَّمَا هُوَ مَصْرُوفٌ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ يَبْدَأُ بِجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْمَصَالِحِ؛ لِكَوْنِهِمْ يَحْفَظُونَ الْمُسْلِمِينَ.
فَيُعْطُونَ كِفَايَاتَهُمْ، فَمَا فَضَلَ قُدِّمَ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ مِنْ عِمَارَةِ الثُّغُورِ وَكِفَايَتِهَا بِالْأَسْلِحَةِ وَالْكُرَاعِ، وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، ثُمَّ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ، مِنْ عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَإِصْلَاحِ الطُّرُقِ، وَكِرَاءِ الْأَنْهَارِ، وَسَدِّ بُثُوقِهَا، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ نَفْعٌ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَنَحْوِ مِمَّا ذَكَرْنَا. وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ، بِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَالْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ يَخْتَصِمَانِ إلَيْهِ فِي أَمْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ عُمَرُ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِصًا دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، فَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا وَلِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وَلِيتهَا بِمِثْلِ مَا وَلِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. إلَّا أَنَّ فِيهِ: يَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ. وَظَاهِرُ أَخْبَارِ عُمَرَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 464
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست