responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 462
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ، أَمَرَ بِحَمْلِ الْفَضْلِ لِيُدْفَعَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، كَالْمِيرَاثِ. وَفَارَقَ الصَّدَقَةَ، حَيْثُ لَا تُنْقَلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَلَدٍ يَكَادُ لَا يَخْلُو مِنْ صَدَقَةٍ تُفَرَّقُ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِهِ، وَالْخُمُسُ يُؤْخَذُ فِي بَعْضِ الْأَقَالِيمِ، فَلَوْ لَمْ يُنْقَلْ لَأَدَّى إلَى إعْطَاءِ الْبَعْضِ وَحِرْمَانِ الْبَعْضِ. وَالصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ، فَلَمْ يَجِبْ، كَتَعْمِيمِ الْمَسَاكِينِ.
وَمَا ذُكِرَ مِنْ بَعْثِ الْإِمَامِ عُمَّالَهُ وَسُعَاتَهُ، فَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ إلَّا فِي قَلِيلٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ جِهَةٌ فِي الْغَزْوِ، وَلَا لَهُ فِيهِ أَمْرٌ، وَلِأَنَّ هَذَا سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْخُمُسِ، فَلَمْ يَجِبْ تَعْمِيمُهُ، كَسَائِرِ سِهَامِهِ. فَعَلَى هَذَا يُفَرِّقُهُ كُلُّ سُلْطَانٍ فِيمَا أَمْكَنَ مِنْ بِلَادِهِ.

[الْفَصْلُ الْخَامِس غَنِيَّهُمْ وَفَقِيرَهُمْ سَوَاءٌ فِي تَقْسِيم سَهْم ذَوِي الْقُرْبَى]
(5087) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ غَنِيَّهُمْ وَفَقِيرَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقِيلَ: لَا حَقَّ فِيهِ لِغَنِيٍّ. قِيَاسًا لَهُ عَلَى بَقِيَّةِ السِّهَامِ. وَلَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] . وَهَذَا عَامٌّ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعْطِي أَقَارِبَهُ كُلَّهُمْ، وَفِيهِمْ الْأَغْنِيَاءُ، كَالْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِ. وَلَمْ يُنْقَلْ تَخْصِيصُ الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ "، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الزُّبَيْرَ سَهْمًا وَأُمَّهُ سَهْمًا، وَفَرَسَهُ سَهْمَيْنِ» .
وَإِنَّمَا أَعْطَى أُمَّهُ مِنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، وَقَدْ كَانَتْ مُوسِرَةً، وَلَهَا مَوَالٍ وَمَالٌ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، كَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ. وَلِأَنَّ عُثْمَانَ وَجُبَيْرًا طَلَبَا حَقَّهُمَا مِنْهُ، وَسَأَلَا عَنْ عِلَّةِ مَنْعِهِمَا وَمَنْعِ قَرَابَتِهِمَا، وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَعَلَّلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنُصْرَةِ بَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَهُمْ، وَكَوْنِهِمْ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ كَانَ الْيَسَارُ مَانِعًا وَالْفَقْرُ شَرْطًا، لَمْ يَطْلُبَا مَعَ عَدَمِهِ، وَلَعَلَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْعَهُمَا بِيَسَارِهِمَا وَانْتِفَاءِ فَقْرِهِمَا.

[مَسْأَلَةٌ الْخُمْسُ الثَّالِثُ فِي الْغَنِيمَة لِلْيَتَامَى]
(5088) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْخُمُسُ الثَّالِثُ لِلْيَتَامَى) وَهُمْ الَّذِينَ لَا آبَاءَ لَهُمْ، وَلَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» . قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَسْتَحِقُّونَ إلَّا مَعَ الْفَقْرِ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ ذَا الْأَبِ لَا يَسْتَحِقُّ، وَالْمَالُ أَنْفَعُ مِنْ وُجُودِ الْأَبِ، وَلِأَنَّهُ صُرِفَ إلَيْهِمْ لِحَاجَتِهِمْ، فَإِنَّ اسْمَ الْيُتْمِ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ فِي الْعُرْفِ لِلرَّحْمَةِ، وَمَنْ كَانَ إعْطَاؤُهُ لِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ الْحَاجَةُ فِيهِ. وَفَارَقَ ذَوِي الْقُرْبَى، فَإِنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست