responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 457
وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقِيلَ: يُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةٍ؛ سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَسَهْمٌ لِرَسُولِهِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] . فَعَدَّ سِتَّةً، وَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ سَهْمًا سَادِسًا، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ أَهْلِ الْحَاجَةِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: سَهْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ أَنَّهُ إذَا عَزَلَ الْخُمُسَ ضَرَبَ بِيَدِهِ فِيهِ، فَمَا قَبَضَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ، فَهُوَ الَّذِي سُمِّيَ لِلَّهِ لَا تَجْعَلُوا لَهُ نَصِيبًا، فَإِنَّ لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، ثُمَّ يُقَسِّمُ بَقِيَّةَ السَّهْمِ الَّذِي عَزَلَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، كَانَتْ طُعْمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ حَمَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَسَّمَا الْخُمُسَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ
وَنَحْوِهِ حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالُوا: يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةٍ؛ الْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ. وَأَسْقَطُوا سَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوْتِهِ، وَسَهْمَ قَرَابَتِهِ أَيْضًا. وَقَالَ مَالِكٌ: الْفَيْءُ وَالْخُمُسُ وَاحِدٌ، يُجْعَلَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبَلَغَنِي عَمَّنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ مَالِكًا قَالَ: يُعْطِي الْإِمَامُ أَقْرِبَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا يَرَى وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ: يَضَعُهُ الْإِمَامُ حَيْثُ أَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] . وَسَهْمُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَاحِدٌ. كَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُ: قَوْلُهُ: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] افْتِتَاحُ كَلَامٍ. يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ بِاسْمِهِ، تَبَرُّكًا بِهِ. لَا لِإِفْرَادِهِ بِسَهْمٍ، فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَسِّمُ الْخُمُسَ عَلَى خَمْسَةٍ» وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ فَشَيْءٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رَأْيٌ، وَلَا يَقْتَضِيهِ قِيَاسٌ، وَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِنَصٍّ صَحِيحٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ أَثَرًا صَحِيحًا، سِوَى قَوْلِهِ، فَلَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ أَبِي الْعَالِيَةِ. وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَمُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى لِرَسُولِهِ وَقَرَابَتِهِ شَيْئًا، وَجَعَلَ لَهُمَا فِي الْخُمُسِ حَقًّا، كَمَا سَمَّى لِلثَّلَاثَةِ الْأَصْنَافِ الْبَاقِيَةِ، فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ، فَقَدْ خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا حَمْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، عَلَى سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَدْ ذُكِرَ لِأَحْمَدَ، فَسَكَتَ، وَحَرَّكَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست