responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 163
أَيْ مِثْلَاهُ. وَإِفْرَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّ التَّثْنِيَةَ أَحْسَنُ. يَعْنِي أَنَّ الْمُفْرَدَ وَالْمُثَنَّى فِي هَذَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكِلَاهُمَا يُرَادُ بِهِ الْمِثْلَانِ، وَإِذَا اسْتَعْمَلُوهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَجَبَ اتِّبَاعُهُمْ فِيهِ وَإِنْ خَالَفَ الْقِيَاسَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّيْ: ضِعْفُ الشَّيْءِ هُوَ مِثْلُهُ، وَضِعْفَاهُ هُوَ مِثْلَاهُ، وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ، وَعَلَى هَذَا.

[فَصْل قَالَ أَوْصَيْت لَك بِضِعْفَيْ نَصِيبِ ابْنِي]
(4630) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِضِعْفَيْ نَصِيبِ ابْنِي. فَلَهُ مِثْلَا نَصِيبِهِ. وَإِنْ قَالَ ثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ. هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدِي. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ أَوْصَى بِضِعْفَيْهِ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ. وَإِنْ أَوْصَى بِثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِ، فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَهُ ضِعْفًا زَادَ مَرَّةً. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَاحْتَجُّوا بُقُولِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: ضِعْفَاهُ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ، وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ سِتَّةُ أَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مِثْلَاهُ، فَتَثْنِيَتُهُ مِثْلَا مُفْرَدِهِ، كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: 265] . قَالَ عِكْرِمَةُ: تَحْمِلُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَقَالَ عَطَاءٌ: أَثْمَرَتْ فِي سَنَةٍ مِثْلَ ثَمَرَةِ غَيْرِهَا سَنَتَيْنِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِيمَا عَلِمْت فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] . أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَرَّتَيْنِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] . وَمُحَالٌ أَنْ يَجْعَلَ أَجْرَهَا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَرَّتَيْنِ وَعَذَابَهَا عَلَى الْفَاحِشَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا يُرِيدُ تَضْعِيفَ الْحَسَنَاتِ عَلَى السَّيِّئَاتِ، وَهَذَا الْمَعْهُودُ مِنْ كَرَمِهِ وَفَضْلِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَأَنْكَرُوا قَوْلَهُ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أُحِبُّ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] . لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] . فَأَعْلَمَ أَنَّ لَهَا مِنْ هَذَا حَظَّيْنِ، وَمِنْ هَذَا حَظَّيْنِ. وَقَدْ نَقَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِالضِّعْفِ مُثَنًّى وَمُفْرَدًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمُوَافَقَةُ الْعَرَبِ عَلَى لِسَانِهِمْ، مَعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الْعَزِيزِ وَأَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ كُلِّهِ، مَعَ مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ وَنِسْبَةُ الْخَطَأِ إلَيْهِ أَوْلَى مِنْ تَخْطِئَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، فَظَاهِرُ الْفَسَادِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالْعَرَبِ وَأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَاسِ الْمُخَالِفِ لِلنَّقْلِ، فَقَدْ يَشِذُّ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ كَلِمَاتٌ تُؤْخَذُ نَقْلًا بِغَيْرِ قِيَاسٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْل وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ مَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ]
فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ مَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ، مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ بِنَصِيبِ ابْنِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَرِثُ لِكَوْنِهِ رَقِيقًا أَوْ مُخَالِفًا لِدِينِهِ، أَوْ بِنَصِيبِ أَخِيهِ وَهُوَ مَحْجُوبٌ عَنْ مِيرَاثِهِ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُ، فَمِثْلُهُ لَا شَيْءَ لَهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست