responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 113
الثَّانِي دَارٌ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ، كَمَدَائِنِ الشَّامِ، فَهَذِهِ إنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَاحِدٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِ لَقِيطِهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ، تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ، بَلْ كُلُّ أَهْلِهَا ذِمَّةٌ حُكِمَ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّ تَغْلِيبَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الِاحْتِمَالِ. وَأَمَّا بَلَدُ الْكُفَّارِ فَضَرْبَانِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا بَلَدٌ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَغَلَبَ الْكُفَّارُ عَلَيْهِ، كَالسَّاحِلِ، فَهَذَا كَالْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، إنْ كَانَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَاحِدٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِ لَقِيطِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ كَافِرٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُؤْمِنٌ يَكْتُمُ إيمَانَهُ، بِخِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى كَتْمِ إيمَانِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ
وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَأَقَرُّوا فِيهِ أَهْلَهُ بِالْجِزْيَةِ، فَهَذَا كَالْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ.
الثَّانِي دَارٌ لَمْ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ أَصْلًا. كَبِلَادِ الْهِنْدِ وَالرُّومِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ، فَلَقِيطُهَا كَافِرٌ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَهُمْ وَأَهْلُهَا مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمُونَ كَالتُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ، احْتَمَلَ أَنْ يُحْكَمَ بِإِسْلَامِهِ، تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُحْكَمَ بِكُفْرِهِ، تَغْلِيبًا لِلدَّارِ وَالْأَكْثَرِ
وَهَذَا التَّفْصِيلُ كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إذَا وُجِدَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، مَيِّتًا فِي أَيِّ مَكَان وُجِدَ، أَنَّ غُسْلَهُ وَدَفْنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ يَجِبُ، وَقَدْ مَنَعُوا أَنْ يُدْفَنَ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَإِذَا وُجِدَ لَقِيطٌ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا مُشْرِكٌ، فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ مَا حَكَمُوا بِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

[فَصْلٌ بَلَغَ اللَّقِيطُ حَدًّا يَصِحُّ فِيهِ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ]
(4558) فَصْلٌ: وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ، إنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ ظَاهِرًا لَا يَقِينًا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَ كَافِرٍ، فَلَوْ أَقَامَ كَافِرٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدُهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَكَمْنَا لَهُ بِهِ. وَإِذَا بَلَغَ اللَّقِيطُ حَدًّا يَصِحُّ فِيهِ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ، فَوَصَفَ الْإِسْلَامَ فَهُوَ مُسْلِمٌ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ أَوْ كُفْرِهِ. وَإِنْ وَصَفَ الْكُفْرَ، وَهُوَ مِمَّنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ لَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا، أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ. وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَقْوَى مِنْ ظَاهِرِ الدَّارِ. وَهَذَا وَجْهٌ مُظْلِمٌ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الْإِسْلَامِ وُجِدَ عَرِيًّا عَنْ الْمُعَارِضِ، وَثَبَتَ حُكْمُهُ، وَاسْتَقَرَّ، فَلَمْ يَجُزْ إزَالَةُ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ ابْنَ مُسْلِمٍ. وَقَوْلُهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي الْحَالِ مَنْ كَانَ أَبُوهُ. وَلَا مَا كَانَ دِينُهُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ هَذَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَعَلَى هَذَا إذَا بَلَغَ اُسْتُتِيبَ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمْ.
فَقَالَ الْقَاضِي: إنْ وَصَفَ كُفْرًا، يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، عُقِدَتْ لَهُ الذِّمَّةُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْتِزَامِهَا، أَوْ وَصَفَ كُفْرًا لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ. وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ هَذَا اللَّقِيطَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْن

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست