responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 94
فَإِنْ عَرَضَتْ حُكُومَةٌ لِوَالِدَيْهِ، أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ فِيهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنْ حَكَمَ، لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، فَلَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لَهُ كَنَفْسِهِ. وَالثَّانِي، يَنْفُذُ حُكْمُهُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِغَيْرِهِ، أَشْبَهَ الْأَجَانِبَ.
وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، مَتَى عَرَضَتْ لِهَؤُلَاءِ حُكُومَةٌ، حَكَمَ بَيْنَهُمْ الْإِمَامُ، أَوْ حَاكِمٌ آخَرُ، أَوْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ وَالِدَيْهِ، أَوْ وَلَدَيْهِ، أَوْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا، عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَلَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَ خَصْمُهُ أَجْنَبِيًّا.
وَفِي الْآخَرِ، يَجُوزُ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ، فَارْتَفَعَتْ تُهْمَةُ الْمَيْلِ، فَأَشْبَهَا الْأَجْنَبِيَّيْنِ.

[فَصْلٌ حَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا وَرَضِيَاهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا]
(8297) فَصْلٌ: وَإِذَا تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ حَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا وَرَضِيَاهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، جَازَ ذَلِكَ، وَنَفَذَ حُكْمُهُ عَلَيْهِمَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَلْزَمُهُمَا حُكْمُهُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالرِّضَا بِهِ، وَلَا يَكُونُ الرِّضَا إلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِحُكْمِهِ.
وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو شُرَيْحٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ؟ قَالَ: إنَّ قَوْمِي إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْت بَيْنَهُمْ، وَرَضِيَ عَلَيَّ الْفَرِيقَانِ. قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَنْ أَكْبَرُ وَلَدِك» ؟ قَالَ: شُرَيْحٌ. قَالَ: " فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ ". أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَرَاضَيَا بِهِ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ مَلْعُونٌ» .
وَلَوْلَا أَنَّ حُكْمَهُ يَلْزَمُهُمَا، لَمَا لَحِقَهُ هَذَا الذَّمُّ، وَلِأَنَّ عُمَرَ وَأُبَيًّا تَحَاكَمَا إلَى زَيْدٍ، وَحَاكَمَ عُمَرُ أَعْرَابِيًّا إلَى شُرَيْحٍ قَبْلَ أَنْ يُوَلِّيَهُ، وَتَحَاكَمَ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَلَمْ يَكُونُوا قُضَاةً.
فَإِنْ قِيلَ: فَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَانَا إمَامَيْنِ، فَإِذَا رَدَّا الْحُكْمَ إلَى رَجُلٍ صَارَ قَاضِيًا. قُلْنَا: لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمَا إلَّا الرِّضَا بِتَحْكِيمِهِ خَاصَّةً، وَبِهَذَا لَا يَصِيرُ قَاضِيًا، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِمَا إذَا رَضِيَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست