responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 93
الْخُصُومَاتِ، وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهَذَا يَحْصُلُ، فَأَشْبَهَ الْقَاضِيَ.
وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ خَلِيفَتَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَالْإِمَامُ أَوْلَى، لِأَنَّ تَوْلِيَتَهُ أَقْوَى. وَقَوْلُهُمْ: يُفْضِي إلَى إيقَافِ الْحُكُومَاتِ. غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ كُلَّ حَاكِمٍ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ، وَلَا نَقْضُ حُكْمِهِ فِيمَا خَالَفَ اجْتِهَادَهُ.

[فَصْل قَالَ الْإِمَامُ مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَدْ وَلَّيْته]
(8293) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَقَدْ وَلَّيْته. لَمْ تَنْعَقِدْ الْوِلَايَةُ لِمَنْ نَظَرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهَا عَلَى شَرْطٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ بِالْوِلَايَةِ أَحَدًا مِنْهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَنْعَقِدَ الْوِلَايَةُ لِمَنْ نَظَرَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» .
فَعَلَّقَ وِلَايَةَ الْإِمَارَةِ عَلَى شَرْطٍ، فَكَذَلِكَ وِلَايَةُ الْحُكْمِ. وَإِنْ قَالَ: وَلَّيْت فُلَانًا وَفُلَانًا، فَأَيُّهُمَا نَظَرَ فَهُوَ خَلِيفَتِي. انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ لِمَنْ نَظَرَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْوِلَايَةَ لَهُمَا جَمِيعًا.

[فَصْل يُقَلِّدَ الْإِمَام الْقَضَاءَ لَوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ بِعَيْنِهِ]
(8294) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى قَالَ: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] . وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْحَقُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ. فَإِنْ قَلَّدَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، بَطَلَ الشَّرْطُ، وَفِي فَسَادِ التَّوْلِيَةِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.

[فَصْلٌ فَوَّضَ الْإِمَامُ إلَى إنْسَانٍ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ]
(8295) فَصْلٌ: وَإِنْ فَوَّضَ الْإِمَامُ إلَى إنْسَانٍ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ، فَجَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ، كَالْبَيْعِ. وَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ اخْتِيَارَ قَاضٍ، جَازَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اخْتِيَارُ نَفْسِهِ، وَلَا وَالِدِهِ، وَلَا وَلَدِهِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الصَّدَقَةِ بِمَالٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا دَفْعُهُ إلَى هَذَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجُوزَ لَهُ اخْتِيَارُهُمَا، إذَا كَانَا صَالِحَيْنِ لِلْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِي عُمُومِ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الِاخْتِيَارِ مِنْهُ، مَعَ أَهْلِيَّتِهِمَا، فَأَشْبَهَا الْأَجَانِبَ.

[فَصْلٌ حُكْم الْحَاكِمِ لِنَفْسِهِ]
(8296) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ حُكُومَةٌ مَعَ بَعْضِ النَّاسِ، جَازَ أَنْ يُحَاكِمَهُ إلَى بَعْضِ خُلَفَائِهِ، أَوْ بَعْضِ رَعِيَّتِهِ؛ فَإِنَّ عُمَرَ حَاكَمَ أُبَيًّا إلَى زَيْدٍ، وَحَاكَمَ رَجُلًا عِرَاقِيًّا إلَى شُرَيْحٍ، وَحَاكَمَ عَلِيٌّ الْيَهُودِيَّ إلَى شُرَيْحٍ، وَحَاكَمَ عُثْمَانُ طَلْحَةَ إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست