responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 88
[مَسْأَلَةٌ قَالَ تَحَاكَمَ إلَى الْقَاضِي الْعَرَبِيِّ أَعْجَمِيَّانِ لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا]
(8285) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا تُقْبَلُ التَّرْجَمَةُ عَنْ أَعْجَمِيٍّ تَحَاكَمَ إلَيْهِ، إذَا لَمْ يَعْرِفْ لِسَانَهُ، إلَّا مِنْ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِ لِسَانَهُ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَحَاكَمَ إلَى الْقَاضِي الْعَرَبِيِّ أَعْجَمِيَّانِ، لَا يَعْرِفُ لِسَانَهُمَا، أَوْ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُتَرْجِمٍ عَنْهُمَا.
وَلَا تُقْبَلُ التَّرْجَمَةُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ وَاحِدٍ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُودَ. قَالَ: فَكُنْت أَكْتُبُ لَهُ إذَا كَتَبَ إلَيْهِمْ، وَأَقْرَأُ لَهُ إذَا كَتَبُوا. وَلِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَفْتَقِرُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَأَجْزَأَ فِيهِ الْوَاحِدُ، كَأَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ نَقَلَ مَا خَفِيَ عَلَى الْحَاكِمِ إلَيْهِ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَخَاصَمِينَ، فَوَجَبَ فِيهِ الْعَدَدُ، كَالشَّهَادَةِ، وَيُفَارِقُ أَخْبَارَ الدِّيَانَاتِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُتَخَاصَمِينَ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَفْهَمُهُ الْحَاكِمُ وُجُودُهُ عِنْدَهُ كَعَدَمِهِ، فَإِذَا تُرْجِمَ لَهُ، كَانَ كَنَقْلِ الْإِقْرَارِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَجْلِسِهِ، وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ شَاهِدَيْنِ، كَذَا هَاهُنَا.
فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، تَكُونُ التَّرْجَمَةُ شَهَادَةً تَفْتَقِرُ إلَى الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مِنْ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ الْحَقِّ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، اُعْتُبِرَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَلَمْ يَكْفِ إلَّا شَاهِدَانِ ذَكَرَانِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَفَى فِيهِ تَرْجَمَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَمْ تُعْتَبَرْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ فِي حَدِّ زِنًى، خُرِّجَ فِي التَّرْجَمَةِ فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَكْفِي فِيهِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ. وَالثَّانِي، يَكْفِي فِيهِ اثْنَانِ؛ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ. فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ، وَلَا وَلَا تُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ. وَتُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ خَبَرٌ يَكْفِي فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ، فَيُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْعَبْدِ، كَأَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ، وَلَا أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، كَالرِّوَايَةِ. وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ تَرْجَمَةُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ رِوَايَتهَا مَقْبُولَةٌ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست